حركة دءوبة في كل مكان، عمال يتحركون على اليمين واليسار، وحداد ممسك بمطرقته بإحكام يدق الحديد فتنبض دقات القلوب، وآخر ممسك بماكينة اللحام التي يتطاير منها الشرر، وثالث أعلى السفينة على سقالته يدهن الجدار، صور متحركة متعددة تنبض بالحيوية والنشاط داخل ورشة لتصنيع السفن واليخوت في رشيد التي تعد أقدم مدينة لصناعة سفن الصيد في مصر، "انفراد" كانت له جولة داخل ورشة "عم سعيد" أقدم ورشة لهذه الصناعة العملاقة التي تضم التصنيع والتصليح وتجارة الخردة للسفن القديمة وتصل إلى صناعة أفخر اليخوت.
صناعة السفن واليخوت أقدم الصناعات في رشيد
"ببقى فخور وفي قمة سعادتى لما بشوف صنع إيديا في عرض البحر، ماشية زى العروسة، مهنتى مهنة كبيرة وعظيمة وأحلى ما فيها الرزق، أنا اتعلمت المهنة دى وانا عندى 7 سنين ورثتها من أبويا وأجدادى"، ويكمل "سعيد" حديثه لـ "انفراد" قائلًاً: في الماضي كانت المراكب مصنوعة من الخشب وكان طن الخشب بـ200 جنيه، أما الآن فقد تغيرت الصناعة من الخشب إلى الحديد، لأنه يعيش أطول وقت داخل المياه ولا تحتاج المركب إلى تجديد أو "عَمرة" كل فترة.
وتابع "سعيد": طول المركب الحديد أصبح من 50 إلى 60 مترًا حسب الطلب، بينما المركب الخشب فكان لا تزيد عن 20 مترًا، بالإضافة إلى طول مدة الصنع فلا الماضي، لكن الأن ومع التقدم والأدوات الحديثة أصبحت المركب تصنع في غضون 6 أشهر لا غير.
مراحل العمل
وتابع سعيد: "في البداية أقوم برسم المركب على الورق وبعدها أطلب الخامات من صاحب المركب، وكل شيء كي نبدأ التصنيع، سواء كان حديد أوصاج أو زوى والكمرات وألواح الخشب، أقوم بتصنيع المركب كاملة داخل الورشة حسب طلبها، هناك مراكب لها ماكينة واحدة وهناك ماكينتان، الأول أضع هيكل الحديد ثم ألوحه بالصاج ثم أضع الكمرات ثم ألواح الخشب، وبعدها أبدأ في تقسيم المركب.
ويكمل "سعيد": صناعة السفن للصيد معروفة وسهلة، ولكن اليخوت فهي عبارة عن بيت عائم ومتنقل، لاتقل عن 4 غرف كل غرفة ولها حمام خاص، وغرفة معيشة وغرفة سفرة للأكل، بخلاف ظهر المركب والأنتريهات وحمام السباحة، واليخوت تكلفتها مرتفعة للغاية، فأقل يخت سعره مليون ونص جنيه وأغلي يخت سعره من 25 إلى 30 مليون جنيه، لأن بداخله تكييف في كل غرفة، بالإضافة إلى ماكينات تحلية المياه، أما أغلي مركب صيد فتكلفتها 2 مليون جنيه، وأقل مركب صيد 500 ألف جنيه.
وينهى "سعيد" حديثة لـ "انفراد" قائلًا: "أسعد لحظات حياتي لما أخلص المركب وأشوفه نازل الميه سواء كان يخت أو مركب صيد، ليه؟ لأن أكل عيشي وفي ناس كتير بتاكل عيش من الشغل ده، الورشة دي فاتحة بيوت ناس كتير، وده بيخلنى في منتهى السعادة، وخاصة لما شغلي بيشوفه الأجانب وبيجوا يصنعه هنا في ورشتنا".