«فريدة هل نمتِ؟».. «لا يا حلا ليس بعد» ما إن سمعت حلا الإجابة حتى تحركت إلى حافة السرير ذو الطابقين ونظرت لأعلى حيث تنام اختها الكبرى «هل رأيتِ اليوم زميلتنا الجديدة ندى؟ هل لاحظتِ أن شكلها مختلف؟» ردت فريدة «كلنا مختلفين يا حلا».. بارتباك ردت حلا «لا أقصد.. إنها مختلفة أكثر.. ملامحها مختلفة .. آ.. أنا لا أسخر منها لكن..» قاطعتها فريدة «إنها من أصحاب متلازمة داون يا حلا»، قالت حلا بسرعة «أعرف لقد أخبرتني ماما.. لكن.. لماذا هي مختلفة عنا؟ لماذا هي لا تشبهنا فقط»..
راقب فلة وريحان الحوار بين الشقيقتين، سألت فلة أولاً: «يبدو أننا سنحتاج لزيارة حلا الليلة يا صديقي» اجابها ريحان وهو ينصت للحوار باهتمام.. «ممم لا أظن يا فلة.. يبدو أن فريدة ستجيب على أسئلة حلا أفضل كثيرًا منا... اسمعي..»
نزلت فريدة من سريرها لتنام على السرير إلى جوار حلا، قالت لها «سأحكي لكِ قصة تجيب على سؤالك يا حلا.. في واحدة من الحدائق المنزلية الصغيرة، كانت الزهور تختال بجمالها كل صباح، لكل منها لونها ورائحتها المميزة، وكن ينظرن بتعالي إلى نبتة صغيرة لم تزهر أبدًا والأسوأ أنها بدأت تنبت شعيرات بيضاء كثيفة وغريبة».
في كل صباح كانت الزهور تتبادل التحية وتتمايل مع النسيم وترشف قطرات الندى ويتجاهلون تلك النبتة التي كانت تشعر بالحزن والغربة وتتساءل كل يوم لماذا لا تزهر مثل جاراتها؟
ذات يوم توقف صاحب الحديقة أمام حوض الزهور ليعتني به وحين رآها هتف قائلاً «ما هذا هل هذا معقول؟؟» وابتعد مسرعًا متجهًا إلى البيت. بدأت الزهرات تتهامس بشأن النبتة المختلفة، وأكدن أنها بالتأكيد بها خطأ ما، والرجل ربما يخاف أن تعدي باقي نباتاته. قبل أن ينتهين من تهامسهن عاد الرجل وبصحبته صديق له، نظر إلى النبتة وشهق متعجبًا «إنها هي فعلاً.. أنت محظوظ يا صديقي!».
هل تعرفين ماذا كانت يا حلا؟ كانت نبتة نادرة تسمى «صبار الرجل العجوز» تباع الواحدة منها بآلاف الجنيهات وشعيراتها البيضاء التي تميزها تحميها من الشمس مقارنة بأية نبتة أخرى، كما أنها بعد ما يكفي من الوقت تزهر هي الأخرى، زهورًا قرنفلية جميلة. لم يكن هناك أي خطأ بالنبتة المختلفة يا صغيرتي، هي فقط نوع نادر من النباتات لا يتواجد في كل مكان كالأنواع الأخرى من الزهور لذا تلتقطه العيون بسهولة وتستغربه.. وهكذا الحال مع زميلتك الجديدة، يولد طفل واحد بمتلازمة داون من بين كل ألف طفل يولد في العالم، لذلك تلحظهم عيوننا بسهولة، وهم أيضًا بعد ما يكفي من الوقت والعناية يزهرون كأي شخص آخر.