"لماذا تحدث الأشياء السيئة لي؟ لماذا أنا؟ ما الخطأ الذي فعلته؟" كان علي يتساءل وهو جالس على سريره محتضنًا ركبتيه ودفن رأسه بين ذراعيه وانفجر في البكاء، فيما كان "ريحان" و"فلة" يراقبانه بتعاطف، حتى أن فلة مدت أصابعها إلى الشاشة تود لو يمكنها أن تربت عليه.
حين وقع "علي" في النوم، غرقت الغرفة في سكون تام قبل أن يقطع "ريحان" الصمت "علي فتى جميل لا أعرف فعلاً لماذا تحدث الأشياء السيئة له؟! كيف نجيب سؤاله يا فلة؟" ردت فلة "هذه هي الحياة يا ريحان.. أيام سعيدة وأيام صعبة وأيام عادية.. الأشياء السيئة تحدث كما تحدث الأشياء الجيدة لكننا لا نتساءل أبدًا لماذا تحدث لنا الأشياء الجيدة.. وكثيرًا ما تحدث الأشياء السيئة لأسباب جيدة في النهاية".
قال ريحان "أنا أعرف ذلك ولكنه لا يزال صغيرًا يا فلة.. كيف نساعده على فهم ذلك؟" بعد تفكير عميق ردت فلة "ربما يساعده أن نحكي له قصة سيدنا الخضر؟" بحماس رد ريحان "أنتِ رائعة يا فلة" ثم سأل "هل نحكي له قصة سيدنا الخضر كاملة؟ إنها قصة طويلة" ردت فلة "يكفي أن نحكي له قصته مع أصحاب السفينة".
بحماس نهض ريحان وتبعته فلة، جلسا على السرير إلى جوار "علي" وبدأ ريحان يقرأ له القصة، ففي إحدى الأيام كان نبي الله موسى يخطب في بني إسرائيل، وحين سألوه عن أعلم أهل الأرض أجاب "أنا"، فعاتبه الله على إجابته، وأخبره أن هناك رجل عند مجمع البحرين هو أعلم أهل الأرض، فسأل موسى عليه السلام الله عز وجل كيف يصل إليه ويتعلم منه؟ فدله الله على طريقه والتقاه بعد رحلة مثيرة بصحبة يوشع بن نون والحوت.
طلب سيدنا موسى من سيدنا الخضر أن يصحبه ويتعلم منه فقال له الخضر "إنك لن تستطيع معي صبرًا" لكن سيدنا موسى أكد أنه سيكون مطيعًا ولن يسأله على شيء قبل أن يفسر هو له ما يحدث، فوافق.
وكانت بداية الرحلة تتطلب أن يعبرا البحر على متن سفينة، وبينما هما على متن السفينة فوجئ سيدنا موسى بأن سيدنا الخضر نزع لوحين من خشب السفينة، فدهش سيدنا موسى وعاتبه: لماذا فعلت ذلك؟ ستغرق السفينة بمن عليها. إلا إن سيدنا الخضر ذكره بوعده ألا يسأله عن تفسير ما يراه فسكت.
واصلا الرحلة معًا وفي كل مرة كان سيدنا الخضر يفعل شيئًا غير مفهوم بالنسبة لسيدنا موسى كان ينفعل ويسأله كيف تفعل ذلك؟ حتى قرر الخضر أن أوان الفراق حان، لأنه سيدنا موسى لا يمكنه أن يصاحبه دون شك ولا سؤال. إلا إنه فسر له كل ما فعله خلال الرحلة، وقال له عن السفينة: إنها ملك لأشخاص مساكين يعتمدون في رزقهم عليها، وكانوا سيمرون بأرض ملك ظالم يستولي على السفن التي تمر ببلاده دون وجه حق، فأحدثت فيها تلفًا كي يرى أنها سفينة معيبة فلا يطمع في سرقتها.
ختم ريحان حكايته، فعلقت فلة "الكثير من الأشياء السيئة تحدث يا صغيري لحمايتنا من أشياء أسوأ.. وبعضها يحدث ليجعلنا أشخاصًا أفضل، كالنار التي تحول قطعة الحديد عديمة الشكل والفائدة إلى قطعة فنية أكثر جمالاً وصلابة".