من الاحتياجات النفسية التي لابد أن يحصل الفرد عليها هي أن يرضى نفسه ويسترجع سلامه الداخلي واستقراره مرة اخرى، أي يكون صافي الذهن.. ويتطلب هذا من الفرد بعض الخطوات اللازمة مع تدريب عقلي ووجداني يكون على فترات متقاربة أوحينما يشعر الفرد إنه في حاجة إلى الاسترخاء قليلا وعمل توقف للعقل عن التفكير فى الماضي أو الحاضر.. أي تدريب العقل على الشعور بالوقت الحالي وباللحظة التى يعيش فيها استرخاء عقلي وروحانى.. ويأتي هنا السؤال الهام والأهم وكيف أستطيع أن اقوم بهذا التدريب سواء كان روحانى أو عقلى؟؟
يقول علماء النفس والاجتماع، أن هذا التدريب يكون على فترات قصيرة وتختلف مدة استجابته من فرد إلى أخر وتأثيره أيضا ولكن في كل الأحوال تكون النتيجة ايجابية ويشعر الفرد بعده إنه تخلص من كل المشاعر السلبية مجرد فقط توقف العقل عن التفكير والاستمتاع بمنظر طبيعي أو حتى تخيل لحظات سعادة يعيش فيها قد يريح العقل وبالتالي يبدأ في إرسال موجات ايجابية للنفس يستطيع من خلالها الشعور بمدى سلامك النفسي وصفاء ذهنك مرة أخرى.
وهنا أيضا نلاحظ أن كلام علماء النفس والاجتماع، مرادف لرجال الدين حيث أن عملية صفاء الذهن مرتبطة ارتباطاً كاملا بالصلاة وإرسال العقل والروح الى الله سبحانه وتعالى، حينما نصل إلى الخشوع.. وهو درجة عاليا من التواصل الداخلي والنفسي مع الله.. في تلك اللحظة تكون كل حواسك متجهة إلى من فى يده مفاتيح الكون كله واسراره فتهون عليك الارض وما فيها من مشاكل وحزن و هم أو حتى فرح ورفاهية لأنك ايقنت الآن وفى تلك اللحظة انك ما بين أيادي من قال "كن فيكون" رب المستحيلات فهذا الشعور كافى بان يجعلك في حالة صفاء ذهني وراحة نفسية وسلام داخلي يبعث فيك كل انواع الرضا والسعادة ويدفعك إلى أن تكمل مسيرة حياتك بكل هدوء وحتى أن وجدت بعض الصعوبات والعراقيل سوف تتجاوزها لأنك عبد لرب المستحيل.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "يا بلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها" أي ارْفَعْ أذانَ الصَّلاةِ وأَقِمْها؛ لِنَستريحَ بِها، وكأنَّ دُخولَه فيها هو الرَّاحةُ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِنْ مُناجاةٍ للهِ تعالى وراحةٍ للرُّوحِ والقَلْبِ. ويقول ايضا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم "وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ" أي الصلاة هي العلاج المثالي والبسيط لكل اوجاع النفس وفى نفس الوقت هي عبادة وفرض من فرائض الإسلام التي فى النهاية نتيجتها لصالح العبد.
ويقول الله تعالى فى سورة البقرة "وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"، أي الخشوع يجعل من الفرد إنه يستشعر أن الصلاة راحة له من هم الدنيا ومشاغلها ومشاكلها بل هي العلاج الروحاني للنفس ولكل الامراض حتى يستطيع الفرد التكملة في مشوار مستقبله.. سبحانك ربى ما اعظمك حتى فرائضك لنا حماية لأنفسنا وتطيب لخواطرنا.
ومن هنا نستطيع أن نربط بين الصفاء الذهني وتدريب العقل على التوقف عن التفكير وبين الصلاة بخشوع فأنت عزيزي القارئ تستطيع أن تجعل عقلك يتوقف عن التفكير يوميا خمس مرات وتخشع لله سبحانه وتعالى رب المستحيلات ويكون لديك يقين تام بإن كل ما يرهق تفكيرك وهمك من أمور الدنيا في يد من تقف امامه الآن.. وإذا ترسخت هذه الفكرة داخليا في عقلك وقلبك وكنت على يقين بإن ما يشغل همك من الممكن في لحظة أن يتبدل من حال إلى حال.. هنا فقط سوف تصل إلى بداية جديدة ونقطة فارقة في حياتك وهي التسليم الكامل لإرادة الله سبحانه وتعالى وهو المسيطر والمهيمن لكافة امورك الحياتية وإذا بدأت فعلا في تنفيذ هذا التدريب سوف تنجح في الوصول إلى اعلى مراتب الصفاء الذهني والسلام الداخلي لكى تنعم بحياة مستقرة و نفس راضية.