"أنا شاب عمري 35 سنة، طموح وعلى خلق وأتمتع بدخل مستقر ومستوى اجتماعي جيد ولكني رغم ذلك لم أنجح حتى الآن في الاستمرار بعلاقة حقيقية، لظروف معينة أقع دائمًا في اختيارات خاطئة.
الفتيات يتحدثن دائمًا عن اهتمامهن بالمشاعر ويطلبن دائمًا الاهتمام من الرجل وينتقدن أن الرجال عمليين إلا أن كل هذا لم يضمن لي ارتباطًا ناجحًا، أنا أهتم جدًا بالمشاعر لأني عشت عمري محروم منها. أبي وأمي كانا محترمين، لم أراهما يتشاجران يومًا ولم أسمع صوتهما مرتفعًا في خلاف ولكنهما كانا باردين جدًا معا، ومعنا كذلك. أبي لم يحضنني أبدًا ولم يقل لي أبدًا إنه يحبني ولا والدتي.
ولم أرزق بأخت بنت فكانت حياتي جافة طيلة الوقت. هذا جعلني أحتاج بشدة للحنان والاهتمام والمشاعر حين ارتبط بفتاة أغدق عليها بالمشاعر والاهتمام ولكن هذا جعلني أقع كثيرًا مع فتيات أنانية تريد أن تأخذ الاهتمام دائمًا ولكنها لا تعطيني أي شيء في المقابل، وإن توقفت عن الاهتمام لا تسأل عني. أشعر دائمًا أنهن يتعاملن معي باعتباري مضمون.
ولا أنسى أن إحداهن حين قررت إنهاء الارتباط بي قالت إني طيب أكثر من اللازم ولا تشعر أني "رجل" كفاية. أصدقائي تحدثوا معي بصراحة عن أن الفتيات يفضلن الرجل الرصين أو "الثقيل" لكني لا أريد أن أدخل هذه الدائرة، لا أريد أن أتعامل بغير طبيعتي. هل سأضطر فعلاً لذلك أم ربما علي أن أبحث عن فتاة مناسبة؟ هل أنا بحاجة للتحكم في مشاعري فعلاً وألا أكون متاح أكثر من اللازم؟
*****
عزيزي القارئ، يقول المأثور الشائع إن فاقد الشيء لا يعطيه، ولكن ما لا يعرفه كثيرون أنه في كثير من الأحيان يحاول فاقد الشيء أن يبالغ في عطائه لأنه يعرف جيدًا مدى أهميته بسبب فقدانه، ولأنه يأمل أن يحصد ما يزرعه دومًا، وهذا ما يحدث معك. تحاول أن تكسر دائرة الجفاء والشح العاطفي التي عانيت منها في أسرتك فكانت النتيجة أن تفرط في العطاء والاهتمام وتأمل أن تعوضك علاقة الارتباط العاطفي عن كل المشاعر التي تفتقدها والعلاقات التي لم يكن بيدك اختيارها، وهو ما يجعلك إما تقع في فخ الاستغلال العاطفي أو يجعلك تشكل ضغطًا على الطرف الآخر.
رغم حديثك عن والديك باحترام واقتضاب في رسالتك إلا إنها تضمنت لومًا مستترًا لعلاقتهما بك وببعضهما البعض وأنها تسببت في ما أنت عليه الآن، ولكن يقول الدكتور إبراهيم مجدي حسين استشاري الطب النفسي إن الخطوة الأولى في حل مشكلتك هي أن تضع هذا اللوم خلف ظهرك، لا تتعامل مع نفسك كضحية لتربيتهما، ولا تجعل خوفك من تكرار تجربة أسرتك يدفعك لتجربة أخرى خاطئة.
يوصيك استشاري الطب النفسي بالتخلص من ذكريات الماضي، والتعامل بطبيعتك دون أن تضع الماضي نصب عينيك. يوصيك كذلك بأن تتعلم أن الاهتمام يجب أن يكون متبادلاً، لأن كل علاقة صحية تكون تبادلية ومتعادلة، لا ينبغي أن تقدم الاهتمام باستمرار ولا تتلقى اهتمامًا في المقابل. إذا شعرت ذلك لا داعي للاستمرار في العلاقة. عليك الانسحاب بذوق وهدوء لتجنب نفسك الخسارة.
لا تدع الصورة الذهنية لعلاقة والدك ووالدتك تسيطر علي علاقتك بأي فتاة، وتعلم ألا تعطي بدون مقابل ولا تقوم برد فعل عكسي أي أنك كرد فعل على الحرمان العاطفي تتعامل مع الآخرين بعاطفة زائدة لكي تخفي انزعاجك وقلقك.
أنت تندفع بكل مشاعرك في العلاقات العاطفية لأنك دائمًا خائف وتريد تعويض المشاعر التي تفقدها، ولعلاج ذلك عليك أن تفكر بشكل عقلاني وتنتظر تبادل المشاعر. وقد تحتاج للجوء إلى أخصائي نفسي لتقييم معيار القلق والاكتئاب لديك، وليساعدك بعلاج سلوكي معرفي يساعدك على التواصل مع الناس باعتدال.
فى إطار حرص "انفراد" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "انفراد" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى
[email protected]أوالرابط المباشر.