"أنا فتاة في الثلاثين من العمر، توفي أخى في حادث سيارة منذ عامين وقد تبدلت حياتي من بعدها، لم أعد احتمل الحياة وأريد الموت لنفسي، يأتيني كل يوم حلم مزعج وأصحو أشعر بألم في المعدة وسرعة في ضربات القلب وضيق في التنفس ولم استطع النوم بعدها إلا بمرور ساعات، لا أعمل وحياتي الاجتماعية شبه منعدمة، لا أريد التعامل مع البشر وأود العزلة باستمرار، لم أعد أرى طعما ولا معنى للحياة، أحيانًا أأكل بشراهة وأضع يدي في فمي حتى اتقيأ ما أكلت واستفرغه في الحال، هل لمعاناتي حل أم أنني سأعيش طول حياتي منتظره الموت أن يأتيني، أرجو الرد والإجابة".
القارئة العزيزة، نقلنا استشارتك إلى الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية الذي قال: قد ذكرتِ في رسالتك أولًا أنكِ لا تودين التعامل مع البشر وتفضلين العزلة، ولكن مجرد إرسال الرسالة لطلب النصح والإرشاد فهذا يدل على وجود الفطرة السليمة بداخلك وهي أن الله قد خلق الإنسان كائن اجتماعي بطبعه تقوم حياته على التعاون والمشاركة والتأثير في حياة الآخرين والتأثر بهم، فأنا أقدر تماما ما تمرين به من مشاعر حزن وألم ولكن اطمئني لأنكِ لم تفقدي فطرتك السليمة وحقك في أن تعيشي حياة أفضل.
الحزن هو أحد المشاعر الإنسانية الطبيعية التي ولدنا بها جميعًا، فمن لا يحزن لن ينصلح حاله، وأفضل أنواع الحزن هو الحزن على أخطائنا لتقويم أنفسنا، فمن لا يحزن لن يقوم نفسه وسلوكه، ولكن أيضًا من يتمسك بالحزن إلى الأبد فقد قرر أن يتناسي ويتغافل رحمة الله الواسعة للإنسان، فالله لن يتركك أبدًا مهما ساءت بك الأحوال، تذكري ذلك حتى تهوني على نفسك ما تمري به من مصاعب ومتاعب.
أود أن أخبرك أن النفس أقوى من الجسد في الإرادة بينما الجسد أقوى من النفس في تحمل الصدمات وهذه قاعدة نفسية متعارف عليها، ولذلك فعندما يمر الإنسان بحدث يصعب على النفس تحمله قد يتحول ذلك إلى صورة تسمى في الطب النفسي بالصورة النفسجسمية أو السيكوسوماتيك وهذا لا يعد أمرًا خطيرًا أو مقلقًا، ولكنها انقباضات عضلية تأتي من التوتر النفسي وفي الحالات الخاصة بالقلق الشديد تتأثر عضلات الصدر بشكل مباشر وتستدعى التدخل وهذا ما حدث معكِ وظهر في أعراض الشكوى، وأنا أوكد أن الأمر ليس بخطير فاطمئني، ولكن لابد من عمل زيارة لطبيب نفسي لوضع خطة علاجية مناسبة بعد عمل بعض الفحوصات البسيطة المتعارف عليها أولًا كفحص صورة الدم ونشاط الغدة الدرقية.
تعمد تقيؤ الأكل بعد التهام الكثير منه هو علة تعرف باسم البوليميا ولها علاج سلوكي نفسي، كما يستخدم لها إحدي مضادات الاكتئاب التي تحد من الشهية نحو الطعام، ولكن لهذا في المقام الأول علاج نفسي كما ذكرت.
أعراضك المذكورة هي نفسية في المقام الأول، أرجو أن تتذكري أن حياة الإنسان على الأرض أشبه بالبخار فإنه يظهر قليلا ثم يختفي، وتلك هي طبيعة الحياة مهما عاش الإنسان وطالت سني حياته على الأرض، إننا غرباء ونزلاء عليها، أنا أعلم أنكِ تتفهمين ذلك ولكن كم أرجو منكِ أن ترين الخير الذي يعده الله للذين يحبونه، ابحثي عن عمل يناسب طبيعتك، كوني منتجة واشتركي في نشاط تطوعي لعمل الخير فهذا أمر مفيد جدا في حالتك، مارسي رياضة جديدة في الصباح ومن أهمها رياضة المشي، فهي تجدد طاقات الإنسان النفسية والجسدية، مارسي تمارين الاسترخاء البطني يوميًا، ونحن على يقين أن الله سوف يصلح أحوالك ويسندك بمجرد البدء والسعي بتطبيق ما ورد من إرشادات.
فى إطار حرص "انفراد" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "انفراد" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى
[email protected]أوالرابط المباشر.