الكثير من الأشخاص لديهم قدرة على التخطيط لحياتهم وترتيب الأولويات والبعض الآخر قد يتركونها تأتي كيف تأتى أو مثلما قالوا في الأمثال "مطرح ما ترسي دق لها"، الأمر الذي قد يظهر للبعض أن هذا الشخص لا يكترث أو مهمل لشئونه، ولكن الأمر وفقاً للأدب الشعبي لم يكن كذلك، حيث قال الدكتور خالد أبو الليل أستاذ التراث الشعبي بكلية الآداب بجامعة القاهرة أن معنى هذا المثل الشعبي يرجع لقصته البدوية الأصل.
وتابع أستاذ الأدب الشعبي أنه يقال في زمن بعيد في قبيلة بدوية كان هناك ملك ووزير متخفيان لاستطلاع أحوال الرعية، وأخذا يسيران في المدينة من بدايتها حتى حدودها، طرقا كل الأبواب ولم يستقبلهما أحد ولم يسد جوعهما أحد سواء من أصحاب القصور أو من الآخرين أصحاب البضائع والتجارة.
وأضاف أستاذ الأدب الشعبي أن الملك طرق أحد الخيم الموجودة في أطراف المدينة، ووجد بها عائلة بدوية ولا يملكون من حطام الدنيا سوى ناقة يشربون حليبها أو ينقلون بها بضائع للتجار ويأخذون الأجر لكن حالتهم الرثة لم تمنعهم من إكرام الضيوف الذين لا يعلمون أنهم ملك ووزير، وكانت أم البدوي حكيمة، ومؤمنة، وأصرت على إكرام الضيوف وتقديم لهم الطعام، فقالت لابنها أن يذبح الناقة، ويقدمها للضيوف، وبالفعل استمع البدوي لكلام أمه، وقدم لحم الناقة بعد ذبحها للملك والوزير.
الملك ذو الحنكة علم بأنهم لم يملكوا سوى هذه الناقة حيث إنهم لم يقدموا شيئا بجانب اللحم، فعلم أنهم قدموا كل ما يملكون، فعرض الملك بعض المال على البدوي ولكنه رفض وقال له إن أكرام الضيف لا ينتظر منه مقابل، فذهب الملك ولكن قصة البدوي ظلت تشغله بالرغم من اشغال الحياة فعاد إليه بعد فترة ووجده بنى بيت فخماً وأصبحت لديه تجارة كبيرة، وعندما سأله من أين كل هذا قال البدوي إن بعد رحيله قامت عاصفة خلعت الخيمة من مكانها وأخذت تجري مثل الكرة من شدة الهواء، ولكنه عندما جري وراءها نصحته أمه "مطرح ما ترسي دُقلها" بمعنى ألا تستعجل وتهرول وراءها، واتركها حتى تقف ثم دق الخيمة وثبتها من جديد، وبالفعل بعد أن وقفت وبدأ البدوي يثبت الخيمة من جديد وجد كنزاً وهو يحفر لها ومن وقتها تحولت حياته للأفضل.