الحكاية .. عندما يأتى سن اليأس مبكراً
وكأنما تدفعها الحياة لسن اليأس دفعاً حتى وان لم تبلغ عامها الأربعون بعد، هى امرأة وقعت فى شرك جواز الصالونات المبكر كغيرها من مئات الفتيات اللاتى تزوجن فى سن التاسعة عشر، عندما وصل العريس الأول لباب الصالون، لم تكن تدرك فى هذا الوقت أن الفستان الأبيض الذى أقنعوها بارتدائه ليس هو الغاية التى تحلم الفتيات بالوصول إليها، تزوجت رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً، لتكتشف فى سنوات الزواج الأولى أنه الاختيار الأسوأ على الإطلاق، دفعت للزواج منه فأنجبت طفلين تربيهما وحدها بعد أن تم الطلاق بمجرد مرور الأعوام الخمسة الأولى، ذكرت ما تعرضت له خلال سنوات زواجها الخمس فى جملة واحدة تشير لما رأته من عذاب "شفت الويل فى الخمس سنين، لحد ما قلت حقى برقبتى"، بالطبع لم يكن قرار الطلاق سهلاً بالنسبة لعائلة لا تعترف بأن تترك "الست بيت جوزها"، ولكنه تم فى نهاية الأمر، أكملت حياتها فى بيت والدتها تربى طفليها حتى دخل الأول الجامعة، ووصل الثانى للثانوية العامة، رحلت والدتها العام الماضى، وانشغل الولدين بالحياة بعيداً عنها، أما هى فأغلقت على نفسها باب غرفة صغيرة مع الكتب، لم تتزوج مرة أخرى، لم تفلح فى الحصول على عمل، لم تحصل على فرصة الحياة الزوجية أو الحب، انشغل الأصدقاء بأحوالهم، وبقت هى وحيدة تواجه سن اليأس، أرسلت الرسالة فى عيد مولدها الأربعين بعد أن شعرت أن الحياة توقفت عند هذا الحد، "أنا عمرى ضاع وماحستش بيه، دلوقتي لا بقى ينفع أتجوز ولا عندى اصحاب، ولادى كبروا وبيعاملونى وحش، كل اللى بيفكروا فيه حياتهم ومستقبلهم، وأنا عايشة لوحدى من القراية للتلفزيون".
التعليق على الحكاية :
الكثير من اليأس لمسناه فى رسالتك القصيرة، ما وصلتِ إليه ليس فقط بسبب الاختيار الخاطئ أو نظرة المجتمع لامرأة مطلقة يجب أن تربى أبنائها قبل التفكير فى الزواج مرة أخرى، هناك الكثير من الأسباب الأخرى التى تحتلين انتِ فيها مكان البطل، اعلنتِ استسلامك للحياة بهذا الشكل، رفضتِ الخروج من قوقعة المطلقة التى ترعى والدتها، وأبنائها، فكانت النتيجة رحيل الجميع وتركك وحدك فى النهاية، أما الإصرار على التمسك باليأس فهو ما يظهر واضحاً بين سطور رسالتك، تبكين حالك وتستمرين فى يأس أكبر، اخرجى من الغرفة الضيقة وابدئى مشروعك الخاص، تعلمى حرفة جديدة واستغلى ما تتمتعين به من وقت فى العمل، اشغلى نفسك بنجاح جديد، وحاولى البعد عن التفكير فى الإخفاقات السابقة.