هل كانت حلوى شعبية قليلة التكلفة في مصر أم ابتكرت من أجل موائد الملوك؟ بين هذين الخيارين تتعدد الروايات حول أصل الكنافة، تلك الحلوى الرمضانية التي جمعت في السنوات الأخيرة بين الحالين وأصبحت حاضرة، بطريقة خاصة على موائد الأثرياء واحتفظت بمكانتها أيضًا على الموائد الشعبية.
حكاية الكنافة الشامية على مائدة السحور
الرواية الأولى التي تنسب الكنافة إلى المطبخ الشامي تنسبها أيضًا إلى مائدة السحور، حيث تقول الروايات إنها ابتكرت على يد صانعي حلويات شاميين واشتهرت بعد تقديمها للخليفة معاوية بن أبي سفيان حين كان واليًا للشام بعد أن شكا للطبيب شعوره بالجوع الشديد في نهار رمضان، فوصف له الطبيب الكنافة لتسكت جوعه، وهو ما جعل اسمها مرتبطًا باسمه وعرفت بـ"كنافة معاوية".
ولم يكن معاوية ابن أبي سفيان هو النسب الملكي الوحيد للكنافة، وإنما تردد أيضًا أنها ابتكرت وقدمت للمرة الأولى للخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك وقيل في رواية ثالثة أنها ابتكرت في عهد المماليك.
الكنافة كابتكار مصري: حلوى شعبية استقبل بها المصريون المعز
أما الرواية التي يرجعها أساتذة التاريخ الإسلامي، فتنسب الكنافة إلى مصر الفاطمية وتقول إن المصريين عرفوا الكنافة قبل أهل الشام، حتى أنهم استقبلوا بها الخليفة المعز لدين الله الفاطمي حين دخل القاهرة في شهر رمضان فأسرع الأهالي لاستقباله وقدموا له عدة هدايا من بينها الكنافة.
وقيل أنها في هذا الوقت كانت من الحلويات منخفضة التكلفة شديدة الشعبية في مصر.
تطور الكنافة.. من السادة للريد فيلفت
هذه الرواية الأخيرة التي ترجح أن الكنافة كانت ابتكارًا مصريًا في الأصل تقول إنها انتقلت إلى بلاد الشام من خلال التجار، وأن أهل الشام وضعوا بصمتهم عليها وأعدوها بطرق مختلفة ومبتكرة، فتارة يتم حشوها بالقشطة وتارة يتم حشوها بالجبن ويقدمونها أيضًا في أشكال مبتكرة بأسماء أخرى كالمبرومة والعثمالية والمفروكة.
إلا أن الإبداع في تقديم الكنافة لم يتوقف عند اللمسات المبتكرة لأهالي الشام وإنما شهدت تطورًا كبيرًا خاصة في السنوات الأخيرة، فظهرت قبل سنوات الكنافة بالمانجو ثم الكنافة بالنوتيلا والكنافة بالريد فيلفت، وتحولت الحلوى الرمضانية الشعبية إلى حلوى "ملوكى" من جديد بهذه النكهات الجديدة التي رفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه في الكثير من الأحيان.