"يا نخلتين فى العلالى يا بلحهم دوا" حالة من البهجة والحماس والأناشيد التى تستدعى الهمة تحيط بكل من يعمل فى تلك المهنة، مهنة "طالع النخل" من أقدم المهن التى يتوارثها أفرادها ويتمسكون بها ويعتبرونها دماً يسرى فى عروقهم إرثاً عن جدود الجدود.
تمتلئ حياتهم بالنخل والجريد والبلح بأنواعه المختلفة، فتلك هى المهنة التى يعيشون عليها ويكتسبون منها قوت يومهم، بحبال شديدة وتشبث بالنخل وتوازن وعزيمة تسير حياتهم.
فلقطة اليوم لأحد العمال فى تلك المهنة أو من يطلق عليهم"طالع النخل" فبالرغم من تغير شكل الكثير من الحرف القديمة إلا أن حرفة طالع النخل لم تتغير ولم تختلف تفاصيلها منذ القدم حتى ارتوى أفرادها برائحة النخل وتطبعت ملامحهم بطيبة البلح.
إذا تدبرت ملامحه خلال رحلة صعوده ستجد البسمة الممتلئة بالرضا وإتقان العمل تسيطر على المشهد فهو رجل تربى على تلك المهنة منذ نعومة أظافرة وربما يكون ذلك هو الطريق الذى سلكه حتى يشتد عضده ويصبح رجلاً من رجالة مصر الجدعان، يستمد من النخل طباعة بالكبرياء والشموخ والإتيان بكل ماهو خير وطيب على كل من حوله ممن يعرفهم ومن لا يعرفهم.
ففى موسم قطف البلح يصعد ذلك العامل وبنو مهنته محتضناً جريد النخل الذى أصبح رفيق الدرب ورحلة الصعود متشبثاً بالحبال التى أحاطت بحصره لتساعده على الطلوع ولكن عزيمته وعرقه من أجل لقمة العيش هما من يسندونه أثناء رحلته.
يسكن أعالى النخل لساعات طويلة سامحاً لخيوط الشمس تحيط به فتكتسى بشرته بالسمار المصرى الأصيل، اعتقد أنه يمضى أسعد لحظات حياته أثناء تواجده أعلى النخل فبعد نسمة الهواء العليلة ومداعبة شعاع الشمس له و"حبيبته" بين يديه تلقى له بثمارها ماذا سيحتاج بعد ذلك، ولكن يترك ذلك كله منتهياً من مهمته الممتعة وينزل ليعيش معناً على نفس الأرض مرة أخرى منتظراً البعثة القادمة ليعيش نفس الحالة التى يجد فيها نفسه ويستشعر أهمية مهنته التى يتميز فيها.