وسط زحام الأيام وآلاف الوشوش التى تقابلها كل يوم يرسم القدر فى طريقك لوحات من عند الله تجبرك على الوقوف صامتًا ومسترجعًا شريط حياتك ومواقفك المختلفة، صورة اليوم لذلك الشاب من ذوى الاحتياجات الخاصة "ذهنياً وبدنياً" كسر كل قواعد المنطق وحطم توابيت اليأس وخرج للنور ليقف فى طوابير البحث عن العمل.
التقطت له تلك الصورة أثناء تواجده فى الجامعة الأمريكية للتقديم فى ملتقى التوظيف الذى عقد منذ أيام قليلة، رسالة تمشى على قدميها ونموذج يخترق القلب والعقل للإصرار والعزيمة، أى عزيمة تلك وعن أى إصرار نتحدث؟
ذلك الشاب الذى لا اعرف اسمه كسر كل الظروف المحيطة به والتى أصابته فى بدنه وعقله وجاء للملتقى باحثًا عن فرصة توظيف له، لم ينتظر حتى تدعمه الدولة ولم يلتفت لحالته الصحية بل جذبته عزيمته وساقه حب الحياة.
أى دم يسرى فى عروقه ويغذى قلبه ليصبح بتلك العزيمة التى تدفعه لهذا الأمل، أمل وسط تلك الغيوم التى تحوم بحياته، بالرغم من أن حالته تستوجب رعاية كاملة من جانب الدولة وجانبنا جميعًا إلا أنه رفض كل تلك المساعدات وذهب للمستقبل بنفسه.
طاوعه عكازه وهلل لرغبته وخطا معه خطوات الأمل، خطوات لم يقبل عليها الكثيرون من الأصحاء، ولكنهم ليسوا أصحاء العقول والبصيرة وجاء ذلك الشاب بإرادته ليعطى لهم "لقطة للحياة" ورسالة تسجل بحروف من نور لكل من يتلقاها.
جاء ليقول: "أنا موجود.. أبحث عن المستقبل مهما عاندتنى الظروف.. صعوباتى ذهنية وبدنية ولكن أملى وبصيرتى وإرادتى بين يديا وهذا يكفينى".
صورة يقف أمامها الجميع وأب مصرى أصيل يقف بجانب ابنه مهما كانت ظروفه، رباه على المبادئ واللقمة الحلال، وصورة لن تذهب بعيدًا عن أذهاننا فى المواقف الصعبة وما نسميه "عقبات" تقابلنا فى رحلة الحياة.