أخيرا سيصبح حلم الشفاء التام من النوع الأول للسكر حقيقة باستخدام الخلايا الجذعية، وذلك بعد شفاء أول حالة لمريض سكر يعانى من النوع الأول، حسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
كشف الدكتور أسامة حمدى أستاذ السكر بجامعة هارفارد بمركز جوزلين بالولايات المتحدة الأمريكية، فى تصريحات خاصة لـ" انفراد"، عن كيفية حدوث ذلك، قائلا:" لو سألني أحدهم منذ عدة سنوات عن استخدام الخلايا الجذعية للعلاج النهائي لمرض السكر من النوع الأول لقلت أمامنا عشرات السنين، أما الآن فأكاد أن أجزم أنه في غضون 3-5 سنوات على أقصى تقدير سيُعلن هنا في بوسطن عن الانتصار النهائي بالضربة القاضية على مرض السكر من النوع الأول لرسم البسمة أخيرًا وبعد طول انتظار على شفاه الملايين من المرضي، الذين أرهقهم هذا المرض لسنوات وينتصر العلم مرة ثانية بعد 100 عام من اكتشاف هرمون الأنسولين وإنتاجه".
وأضاف: "يعود جزء كبير من الفضل بلا شك إلى زميلي العزيز في جامعة هارفارد "دج ميلتون" الذي وهب نفسه لهذا الغرض منذ أن أصيب ابنه وعمره 6 أشهر بالسكر من النوع الأول في سنة 1990 فتحول من باحث في مجال تطور الخلايا العصبية إلى باحث في تطور خلايا البنكرياس.
وأوضح أن المشكلات الثلاثة التي كانت تواجهنا في علاج هذا النوع من السكر هى:
1- كيف نستطيع الحصول على عدد كاف من خلايا البنكرياس المُفرِزه للأنسولين؟
فالحصول عليها من بنكرياس المتوفين حديثًا أو من الأجنة أثبت محدوديته الشديدة والحاجة الماسة لكمية أكبر من الخلايا لاستمرار الشفاء لمدة تتعدى السنة.
2- كيف نحافظ على هذه الخلايا إن حصلنا عليها ونحميها من مهاجمة الأجسام المناعية التي سبق لها من قبل تدمير خلايا البنكرياس التي تفرز الانسولين وكانت سببًا لهذا النوع من السكر؟
فما زالت الأجسام المناعية كامنةً في دم المريض، وإعطاء المريض أدوية مثبطة للمناعة يحمل في طياته بعض المشاكل.
3- كيف نمد هذه الخلايا بعد زراعتها بالتغذية والأكسجين لتعيش لأطول من سنة.
وقال:" استطاع ميلتون في 2014 أن يحل المشكلة الأولى حيث فك شفرة تحويل خلايا الجسم العادية كخلايا الجلد إلى خلايا البنكرياس التي تفرز الأنسولين، وإنتاج كمية كبيرة من الخلايا بهذه الطريقة تكفي للشفاء وهو إنجاز غير مسبوق، واحتفلنا بميلتون هنا في بوسطن على هذا الإنجاز الرائع في حفل نظمه مركز جوزلين الذي أعمل به، وفي 2019 اشترت إحدى الشركات في بوسطن الشركة التي أسسها ميلتون مع براءة اختراعه بمبلغ 980 مليون دولار"، وعلى الصعيد الآخر توصلت شركة أخرى بسان دييجو بولاية كاليفورنيا في سنة 2000 إلى اكتشاف طريقة جديدة تحول بها الخلايا الجذعية إلى خلايا أخرى عند زراعتها تتحول الى خلايا للبنكرياس pancreatic progenitor cells. وامكن بهذه الطريقة إنتاج تريليون من الخلايا المفرزة للأنسولين بسهولة.
وقال:" لذا فقد حُلت المشكلة الأولى والكبيرة بامتياز وإن كان لكل طريقة مزاياها، استمرت المنافسة بين الشركتين لحل المشكلة الثانية وهى حماية خلايا البنكرياس المُخلقة من مهاجمة الأجسام المضادة، وقررت إحدى الشركتين زرع الخلايا مباشرة في الوريد البابي للكبد ومن ثم العلاج بالأدوية المثبطة للمناعة حتى لا يلفظهم الجسم، ولقد وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في مارس الماضي على منح الأولوية القصوى لبروتوكول الشركة للدراسة الإكلينيكية على 17 مريض بالسكر من النوع الأول.
وأضاف، وحيث إن هذه الطريقة قد نجحت من قبل مع الخلايا المنزوعة من بنكرياس المتوفين حديثًا وباستخدام بروتوكول مبتكر لأدوية تثبيط المناعة صممته جامعة ادمنتون في كندا، فنجاح التجربة أصبح في حكم المؤكد لو سارت الأمور كما هو مخطط لها، ولكن ربما سيحتاج المريض لإعادة حقن الخلايا سنويًا وهو ما تعتقد الشركة إنه ممكن حيث بإمكانها الآن انتاج عدد ضخم من هذه الخلايا بلا عائق كبير.
في المقابل قررت إحدى الشركتين أن تحفظ الخلايا في جهاز صغير بحجم كارت الائتمان وبه ثقوب تنمو فيها الشعيرات الدموية لتغذي الخلايا بالأكسجين والغذاء لتنمو وتعيش لأطول فترة ممكنة، ولكن يجب معها أيضًا إعطاء الأدوية المثبطة للمناعة لأن الأجسام المناعية تدخل أيضًا من هذه الثقوب.
وقال:" أنتجت الشركة هذا الغلاف في 2014 ونجحت بالفعل التجارب في المرحلة الأولى ودخلت في المرحلة الثانية لتحتدم المنافسة بين الشركتين، الأولى تقول الآن انها ستستطيع في المستقبل انتاج خلايا تتجنب الجهاز المناعى وتقاومة لتستغنى عن الأدوية المثبطة للمناعة تمامًا لذا اسمتها الخلايا السوبر Super Cells مع تطوير جيني يسمح بقتل هذه الخلايا إذا نمت بصورة كبيرة خارج نطاق السيطرة، والشركة الثانية بدأت تعمل على تطوير غلاف جديد للخلايا ليس به فتحات ولكن يسمح بانتشار الشعيرات الدموية حوله للتغذية ويسمح بمرور السكر من الدم الى الخلايا ومرور الانسولين من الخلايا إلى الدم ويحجز فقط الأجسام المناعية عن المرور للخلايا الجديدة داخل الجهاز، وكلتا الشركتين تعملان الآن وبهمة شديدة على تطوير غلاف ميكرو صغير من الجيل microgel يحيط بكل خلية بنكرياسية ويحميها وهى فكرة عبقرية.
بقيت المشكلة الثالثة وهى أين تُزرع الخلايا الجديدة؟ وكيف نحميها ونغذيها لتعيش؟
ترى إحدى الشركتين أن زراعتها في الكبد هو أسلم طريقة فقد جُربَّت من قبل في حين ترى الشركة الأخرى أنه يمكن تجهيز جيب صغير تحت الجلد أو في الغشاء الدهني المتصل بالأمعاء omentum لحفظها، حيث إن الشعيرات الدموية والتغذية تتوافر فيهما بشكل أفضل من أى مكان آخر في الجسم.
وأوضح، أصبحت الشركتان في الحقيقة قاب قوسين أو أدنى من النجاح باستثمار مليارات الدولارات على الأبحاث، فكما ذكرت مرارًا أن البحث العلمي هو قاطرة تقدم الأمم، وقد انتشر في مصر القول بأن بلاد كالهند والمانيا والصين تقوم الآن بالعلاج بالخلايا الجزعية بتكلفة باهظة وهذا نوع من النصب العلمي الدولي يقع فيه البائس والمتعجل كما ذكرت في أكثر من حوار تليفزيوني في مصر، أما ما أتكلم عنه هنا فهو العلاج الحقيقي وربما النهائي بالخلايا الجزعية للنوع الأول للسكر، وكما ذكرت أنه لن يستغرق سوي 3-5 سنوات على أقصى تقدير. بالطبع ستكون التكلفة باهظة جدًا في البداية حيث ضخت الشركتان مليارات الدولارات للصرف على أبحاثهما حتى الآن ولكن التكلفة ستتناقص بالتأكيد مع مرور الوقت.