مرض الذئبة الحمراء هى أحد أمراض المناعة الذاتية التى يهاجم فيها الجهاز المناعى أعضاء الجسم نفسه على اعتبار أنها غريبة عنه، وهى نوعان: ذئبة حمراء قرصية Discoid lupus وتصيب الجلد فقط، ويمكن علاجها والشفاء منها، أما النوع الثانى فهو الذئبة الحمراء الجهازية Systemic Lupus وهو مرض مزمن تتفاوت أعراضه ما بين فترات نشاط وفترات كمون.
أكد الدكتور عبد الهادى مصباح استاذ المناعة زميل الاكاديمية الامريكية للمناعة أن الذئبة الحمراء يمكن السيطرة عليه ومنع مضاعفاتها من خلال أدوية مثبطة للمناعة، وبعض أنواع العلاج البيولوجي، موضحا أن الذئبة الحمراء الجهازية تصيب 1 من بين كل 2000 شخص ما بين سن 20 إلى 40 عاماً تقريباً، وتصيب الإناث أكثر من الرجال بنسبة تصل من 13 إلى 1.
وأشار إلى أن هناك أسباب ورائية وبيئية ومناعية ترتبط بهذا المرض، على الرغم من أن السبب المباشر للإصابة به غير معروف حتى الآن موضحا أن الأعراض تبدأ بأعراض عامة مثل التعب لأقل مجهود وتكسير فى الجسم، وحرارة متكررة بدون سبب واضح وفقدان الشهية والوزن، وفى 90% من الحالات يكون هناك التهاب فى مفاصل متعددة من الجسم مثل اليد والرسغ والركبة على الناحيتين، كما تظهر بعض الأعراض الجلدية والطفح الجلدى، خاصة فى الأماكن الأكثر تعرضا لأشعة الشمس مثل الطفح الشبيه بالفراشة" Butterfly Rash"، والذى يمتد من تحت العينين على الخدود، موصولاً بالأنف على شكل فراشة، وهو ما جعلهم يشبهون وجه هذا المريض بوجه الذئب، ومن هنا أتى اسمه.
وقال الدكتور عبد الهادى مصباح أن أخطر المضاعفات التى يمكن أن تحدث نتيجة الإصابة بهذا المرض فهى التى تحدث فى الكلى، نتيجة هجوم الجهاز المناعى عليها، مما يتسبب فى وجود كميات كبيرة من الزلال فى البول، والتى قد تؤدى إلى الفشل الكلوى فى حالات عدم الالتزام بالعلاج منذ البداية، كما يمكن أن يحدث تكسير فى الصفائح الدموية أو الأنيميا مع نقص خلايا الدم البيضاء والخلايا الليمفاوية. ويمكن أن تحدث الذئبة الحمراء مضاعفات والتهابات فى كل من الغشاء المحيط بالقلب، والرئة.
وأكد انه لتشخيص مرض الذئبة الحمراء يجب أن نلجأ إلى التحاليل المناعية المتخصصة، والبعض يظن أن مجرد وجود تحليل ANA إيجابى يكون كافياً لتشخيص مرض الذئبة وهذا خطأ، فهناك 28 نوع من الأجسام المضادة ترتبط بهذا المرض يجب أن يبحث الطبيب المتخصص عن أهمها لكى يكون التشخيص صحيحاً، كما يصاحب هذا المرض نشاطاً زائداً فى الخلايا الليمفاوية البائية خاصة من فصيلة CD5 التى تنتج أنواعاً معينة من الأجسام المضادة، والتى يمكن أن تكون هدفاً لبعض أنواع العلاج البيولوجى.
وترجع زيادة نسبة هذا المرض فى النساء عنها فى الرجال لأن الهرمون الأنثوى "إستروجين" يزيد من نشاط وعدد الخلايا الليمفاوية البائية، كما ينشط الجهاز المكمل مما ينتج عنه نقص فى عناصر C3d , C3a بينما يثبط الخلايا الليمفاوية التائية، كما يزداد انتاج الأجسام المضادة من نوعية IgG التى تترسب فى الكلى وتتسبب فى الفشل الكلوى.
وأكد الدكتور عبد الهادى مصباح أن هناك بعض الأدوية التى تتسبب فى ظهور أعراض مشابهة للذئبة الحمراء مثل بعض أدوية القلب والضغط والشلل الرعاش procainamide hydrochloride, hydralazine hydrochloride, methyldopa. وغيرها، إلا إن هذه الأعراض تزول مع التوقف عن تناول مثل هذه الأدوية.
وأشار الدكتور عبد الهادى مصباح إلى أن العلاج يتوقف على نشاط الحالة عند المريض وتتراوح ما بين الأدوية المضادة للالتهاب وبعض الأدوية المضادة للملاريا، والأدوية المثبطة للمناعة مثل الكورتيزون وغيره، كما يمكن استخدام العلاج البيولوجى فى بعض الحالات، وكذلك عمليات غسيل البلازما Plasma pheresis.
ويقدم الدكتور عبد الهادى مصباح 9 خطوات هامة لمريض الذئبة الحمراء تساعده فى الشفاء من المرض وتجنبه حدوث مضاعفات المرض:
أولا: تجنب الطعام الغنى بالدهون المشبعة الدسمة لأن هذا المريض غالباً ما يكون تحت العلاج بالكورتيزون، الذى بدورة يزيد من مستوى الكولسترول بالدم، ويؤدى إلى تصلب مبكر بالشرايين، لذا يجب القياس الدورى لمستوى الكولسترول والدهون الثلاثية بالدم.
ثانيا: تناول الأسماك لأنها غنية بالأوميجا3 وكذلك القراصيا.
ثالثا: تناول طعاماً غنياً بالحبوب والخضار الطازج وكذلك الفواكه لأنها تعمل على تقليل مستوى عنصر الهوموسيستايين بالدم المرتفع عادة عند مريض الذئبة الحمراء وبالتالى يهدد صحة وسلامة القلب والشرايين.
رابعا: تناول الأطعمة الغنية بعنصر الإندول الذى بدوره ينبه إنزيمات بالجسم التى تحد من التأثير الضار لهرمون "الإستروجين" على مريض الذئبة الحمراء وذلك مثل البروكلى والكرنب والمستردة واللفت.
خامسا: تجنب البروتينات الحيوانية ( اللحوم ومنتجات الألبان مثل القشطة ) لكن يمكنه أن يتناول البروتينات النباتية مثل الفول ونبات الصويا حيث أن هذا المريض غالباً ما يتناول الكورتيزون الذى يهدد صحة وسلامة العظام محدثا هشاشة العظام، لذا ينبغى تناول قسط وافر من الكالسيوم وفيتامين "د".
سادسا: فى حالة ارتفاع مستوى الهوموسيستايين بالدم، على المريض تناول فيتامين "ب 12" وحمض الفوليك (وهو موجود بوفرة فى الخضروات).
سابعا: الحرص على أداء قسط وافر من الرياضة، وهذا بدوره يحول دون ارتفاع سكر الدم الذى يتربص به الكورتيزون الذى يتناوله المريض.
ثامنا: قلل من كمية ملح الطعام والأطعمة الغنية به موضحا أن الذئبة الحمراء تهدد كافة أعضاء الجسم وعلى رأسها الكليتين والتى عادة ما تتأثر فى أكثر من 95% من الحالات الأمر الذى قد ينجم عنه حدوث ارتفاع فى ضغط الدم.
تاسعا: يجب على مريض الذئبة الحمراء أن يتعرض للشمس لمدة ربع ساعة يوميا نظرا لأهمية فيتامين "د " لحماية العظام لذا فمن الممكن أن يتعرض المريض للشمس لمدة ربع ساعة خاصة قبل الساعة العاشرة صباحا ليقوم الجلد بتصنيع فيتامين "د" مع دهان واق للشمس لا تقل قوته عن 50 لكن يجب أن نتنبه إلى أن الإفراط فى التعرض للشمس لمريض الذئبة ولما لديه من حساسية ضوئية قد ينجم عنه طفح جلدى، الأمر الذى يزيد من حدة ونشاط مرض الذئبة.