الكل يبحث عن السعادة ولعل مدمنى المخدرات لا يتناولونها بغرض الإدمان ولكن بحثا عن السعادة، والمدخنون يدخنون من أجل السعادة، ومدمنو المنشطات الجنسية يبحثون أيضا عن السعادة، الأطباء يؤكدون أن السعادة قد تكون مرتبطة بالوراثة والجينات.
أكد الدكتور عبد الهادى مصباح أستاذ المناعة زميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة قائلا: فى الأبحاث التى أجراها "إدوارد دانير" أستاذ علم النفس بجامعة "إلينوى" الأمريكية على مدى 20 عاماً، أوضح فى أبحاثه أن هناك الكثير من العلماء فى تخصصاتهم المختلفة يعانون من الإحباط والاكتئاب، حتى بعض أولئك الذين حصلوا على جوائز عالمية مثل نوبل.
وقال الدكتور عبد الهادى مصباح لا شك أن للجينات تأثير فى إصابة بعض الناس فى بعض العائلات ببعض التغيرات النفسية والمرضية مثل الاكتئاب والفصام وغيرها، إلا أنه فى الحالات العادية كما ورد فى البحث الذى قام به "ديفيد ليكين" فى جامعة "منيسوتا" قام فيه بدراسة على 4000 حالة من التوائم، بعضهم متطابق والآخر غير متطابق على مدى 10 سنوات، وخرج منها بنتائج تشير إلى أن الجينات لا شك أنها تلعب دورا هاماً فى تكوين الشخصية نفسها وإقبالها على الحياة، وكيفية تعاملها مع القلق والتوتر، وأن الظروف المحيطة بالإنسان سواء الخاصة بالدخل أو الزواج أو الدين أو التعليم، كلها لا تتجاوز 8% من أسباب شعور الإنسان بالسعادة، فالسعادة إحساس داخلى ينبع من داخل الفرد، ودلل على ذلك بأن هناك أشخاص لا تتخلى عنهم البسمة حتى فى أصعب الظروف.
وأشار إلى أنه خلال دراسة أجريت على الأشخاص الذين فازوا بإحدى جوائز اليانصيب الكبرى والتى أثبتت أنهم لم يصبحوا أكثر سعادة عن ذى قبل، عن غيرهم من الذين لم يربحوا على الإطلاق، وفى دراسة أخرى على الأشخاص الذين فقدوا أحد أطرافهم فى حادث تبين أن هؤلاء الأشخاص كانوا فى قمة الحزن والغضب بعد أسبوع واحد من الحادث، ولكن الشخص الذى لديه القدرة على التكيف والرضا يعود إلى حالته النفسية الطبيعية، وربما أكثر هدوءاً وسعادة فى فترة لا تتجاوز ثمانية أسابيع وقد أشار "دانير" فى إحدى دراساته إلى أن أهم حدثين يؤثران على سعادة الإنسان لفترة طويلة قد تصل إلى سنوات هما فقد شريك الحياة وفقد الوظيفة التى تؤثر على المستقبل.
وأوضح الدكتور عبد الهادى مصباح أنه من خلال العديد من الدراسات التى تبحث عن كيفية بث جرعة منشطة من السعادة فى نفس الإنسان هو اعترافه بالجميل وبالفضل لمن يدين لهم بذلك، والاستمتاع بنعمة العطاء سواء من خلال المشاعر أو المال أو العلم، وأن زيارة واحدة لملجأ، الأيتام أو لدور المسنين، أو لصديق فى احتياج للزيارة، أو مريض فى لحظة ضعف، يمكن أن تحميك من الاكتئاب لمدة 3 شهور، وتدخل على نفسك السعادة والسرور، وبالطبع وقبل كل هذا إرضاء الوالدين وصلة الرحم، فالعطاء يجعل لوجودك معنى بالنسبة للآخرين.