على الرغم من التحذيرات السابقة بأن التحديق فى الأجهزة التى تشع كما كبيرا من موجات الضوء الأزرق يمكن أن يؤذى قرنية العين خلصت دراسة حديثة إلى عكس ذلك وأكدت أن أغلب الأجهزة تصدر كمية أقل من الضوء الذى تصدرها السماء الزرقاء فى يوم صاف.
وقال كبير باحثى الدراسة جون أوهاجان -وهو مدير مجموعة الليزر وقياس الإشعاعات البصرية فى مؤسسة الصحة العامة بانجلترا فى تشيلتون بالمملكة المتحدة- "حتى تحت ظروف المشاهدة طويلة الأمد ليس هناك دليل على أن المصابيح منخفضة الطاقة والكمبيوتر والكمبيوتر اللوحى والهواتف المحمولة التى قيمناها تمثل أى قلق على الصحة العامة."
وفى دورية العيون (آى) أشارت الأبحاث إلى أن أنواع الضوء الذى تتعرض له عين الإنسان تتغير مع تزايد استخدام الكمبيوتر والهواتف والمصابيح منخفضة الطاقة مثل الفلورسنت والصمام الثنائى الباعث للضوء (الليد).
وأضاف الباحثون أنه مقارنة بالمصابيح الوهاجة التقليدية فالشاشات الإلكترونية والمصابيح منخفضة الطاقة تميل إلى إصدار ضوء أزرق أكثر والذى عرف منذ وقت طويل أنه ضار بالقرنية.
وبناء على أبحاث الضرر بالقرنية اقترحت اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير الأيونى حدا آمنا للتعرض للضوء الأزرق فإذا ما قل عنه فمن غير المحتمل أن يكون مؤذيا لعين المشاهد.
وقال أوهاجان إن فريقه قام بقياس الضوء الأزرق الذى تشعه عدة مصادر بما شمل الهواتف المحمولة والكمبيوتر اللوحى والكمبيوتر الشخصى والمصابيح فى مدة زمنية مماثلة للطريقة التى يستخدم بها الناس تلك الأجهزة. وقارن فريق الباحثين فى الدراسة كمية تلك الإشعاعات بالحدود الآمنة.
وقال أوهاجان لرويترز "الهدف من دراستنا كان قياس الضوء الأزرق الذى تشعه مصادر متنوعة ومعرفة مستويات الضوء الأزرق التى يرجح أن الأفراد يتعرضون لها وتحديد إذا ما كانت مناسبة لإسداء نصيحة فيما يخص الصحة العامة."
وبعد مقارنة عدة ألوان على شاشات الأجهزة خلص الباحثون إلى أن الشاشات البيضاء هى أكثر ما يشع ضوءا أزرق فاستخدموا شاشة بيضاء موضوعة على أقصى درجة سطوع فى قياساتهم.
كما قارنوا إشعاعات الضوء الأزرق الصادرة عن أجهزة مختلفة بالمستويات التى قد يتعرض لها الناس عند النظر إلى سماء زرقاء صافية فى فصل الصيف فى تشيلتون بجنوب إنجلترا وأيضا سماء غائمة فى الشتاء فى ذات الموقع.
كانت نسبة التعرض للضوء الأزرق فى يوم صاف فى يونيو حزيران نحو فى المائة من الحد الآمن الذى حددته لجنة الحماية وكانت نسبة التعرض فى يوم غائم فى ديسمبر 3 فى المائة من حد الأمان.
وبمقارنة ظروف التعرض الطبيعية بضوء المصابيح وشاشات الكمبيوتر وأجهزة محمولة مثل الهواتف الذكية خلص فريق الدراسة إلى أن الضوء الصناعى يصدر إشعاعات أقل من التى يتعرض لها الناس فى العادة خارج المنزل هذا بشرط أن المقصود هو التحديق فى السماء فقط وليس التحديق مباشرة فى الشمس المعروف جيدا أنه يؤذى العيون.
وحتى مع اعتبار أن الأفراد قد يحدقون فى شاشات الكمبيوتر لساعات خلال العمل أو اللعب ففريق الدراسة خلص إلى أنه ليس من المرجح أن يؤذى قرنيتهم.
لكنهم يحذرون من أن كمية الضوء التى تنتقل من سطح العين إلى القرنية مرتبطة بالعمر وبالتالى فالأطفال قد يكونون أكثر حساسية للضوء الأزرق. وحذر الباحثون أن مصادر الضوء المريحة لعيون الكبار قد تصبح مجهدة للأطفال.
وقال مينو سينغ وهو باحث فى طيف الضوء فى جامعة تسينج هوا الوطنية فى هسينتشو-تايوان إنه لا تزال لديه مخاوف بشأن آثار الضوء الأزرق. وقال سينغ فى رسالة بالبريد الإلكترونى "حاليا العالم بأسره يتجه نحو جعل كل الأجهزة رقمية فمن المرجح أن الأفراد سيقضون وقتا أكثر أمام أجهزة العرض."
ولم تبحث الدراسة البريطانية عن إجابات لأسئلة عن تأثير الضوء الأزرق على صحة الإنسان مثل احتمال تأثيرها على الساعة البيولوجية والنوم.
وأشار سينغ إلى أن هذا اعتبار مهم وقال "إن شاشات عرض مثل الحاسبات المحمولة والهواتف يجب ألا تستخدم لوقت طويل فى المساء لأن اشعاعاتها الساطعة تحد من وظائف طبقة الميلاتونين تحت الجلد.
ولتقليل الإجهاد على العين ينصح سينغ بأن يراقب الأفراد بعناية مدى قرب أعينهم من الشاشات والمدة التى يستخدمون فيها الجهاز وبالأخص يراقبون درجة سطوع شاشاتهم.
وقال أوهاجان "كل شخص مختلف ولذلك من الأفضل أن يعرف الأفراد ماذا يفعل كل منهم لتقليل الإجهاد على عينه بما يشمل استشارة متخصص فى الرمد إذا اقتضت الضرورة".