فى مجتمع فقير ونامى مثل مصر يعانى أكثر من 60% من مشكلة السمنة حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، النسبة الأكبر منهم سيدات، والأزمة هنا أنهن لا يستطعن الاستمرار على نظام غذائى صحى لفترة طويلة، مما يجعلهن يلجئن إلى بعض الطرق المنحرفة لفقدان الوزن، تلك الطرق التى قد تودى بحياتهن.
حالات كثيرة تعرضت للنصب والاحتيال على أمل الوصول لحلم الرشاقة السريع تقول "م.ح" 32 سنة تعانى من السمنة المفرطة (160 كيلو)، أنها قامت بإجراء تركيب بالون المعدة أمريكى الصنع ، وكانت النتيجة فقدان الوزن بصورة ضعيفة، واضطرت إلى إزالة البالون بعد 6 أشهر لتكتشف أن البالون مزور وغير خاضع لإشراف وزارة الصحة، مع العلم أنها دفعت قيمة البالون الأمريكى وهو الأغلى ثمنا.
أما س . د (46 سنة) يعانى أيضا من السمنة المفرطة الناتجة عن "اضطراب الأكل" أو كثرة تناول الطعام وعلى الأخص الحلويات والأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة، فقال إنه شاهد طبيب مشهور من الذين يروجون لبالون المعدة، وعلى الرغم من ارتفاع سعر الكشف والبالون، فقد اكتشفت أنه ليس طبيب من الأصل وإنما أخصائى تغذية وليس مختص بتركيب البالون.
أما ن . ع (19 سنة) تعانى من الزيادة المفرطة فى الوزن (وزن : 180 وطول 165 سم) فتقول إنها ذهبت إلى طبيب مشهور ومعروف لتركيب بالون المعدة، وعلى لرغم من مرور أكثر من 3 شهور لم تفقد أى وزن، وعندما ذهبت مرة أخرى إلى الطبيب، قال انها فى حاجة إلى شراء بعض الأدوية التى تساعد على زيادة معدل الحرق، والتى كانت بلا فائدة، واكتشفت أن تلك الأدوية تؤدى للسرطان وان البعض منها تم تعبئته فى شقق سكنية فى مناطق عشوائية.
وأضافت أنها بدأت تشعر بالآم بالبطن، مما جعلها تلجأ إلى طبيب آخر، فاكتشفت أن البالون غير أصلى وأنه كان يمكن أن يؤدى إلى مضاعفات كثيرة، لكن تم إنقاذها.
ويقول الدكتور محمد عبيد استشارى أمراض الجهاز الهضمى والمناظير غير جراحية، وعلاج السمنة، يوجد منتجات طبية غير آمنة لدى بعض الأطباء فى مصر غير مصرح باستخدامها مصرياً وعالمياً؛ يتم الترويج لها عبر الإنترنت أو عبر الفضائيات؛ يتم أيضاً تركيبها للمرضى فى عيادتهم الخاصة (ممنوع دولياً) بغض النظر عن المضاعفات السيئة التى قد تنتج نتيجة استخدامها نظراً لرخص سعرها.
وأضاف مع انتشار عالم الميديا المفتوح وتزايد عدد القنوات الفضائية الغير مرخصة، والتى تعرض أى إعلانات خاصة بعلاج السمنة والنحافة، سواء تركبيات أو أعشاب تقوم فى الاساس على تسريع عضلات الامعاء ليصاب الشخص بالاسهال عقب تناول الطعام مما يحرم الجسم من العناصر الغذائية اللازمة وغالبا تصاب بالانيميا والاعياء وظهور هالات سوداء حول العين، فضلا عن أن تلك المنتجات يعتاد عليها الجهاز الهضمي، لذلك يعانى الشخص بعد ذلك من الامساك المزمن بسبب تلك المنتجات.
وأوضح استشارى السمنة أن البالون يستخدم فى فقدان الوزن بدون جراحة وبدون مضاعفات وهذا ينطبق على البالون الأصلى المعترف به وهذا مثبت بالدراسات العالمية والأمريكية والأوروبية والمصرية منذ اكتر من 25 عاما، مضيفا أن له 3 أو4 أنواع فقط هى الحاصلة على موافقة وزارة الصحة، وهي: "الأمريكى ORBERAويعتبر الأقدم والأفضل، والفرنسى ENDALIS، والثالثHeliosphereفرنسى أيضًا".. لكن بعض الأطباء يستخدمون بالونن معدة مصنوع من الكاوتش والادعاء أنه مصنوع فى روسيا أو أمريكا، مشيرًا إلى أن ذلك البالون قد يكون مسرطنًا أو يؤدى لارتفاع وظائف الكبد والكلى ولاا توجد دراسات عالمية أو مصرية للتأكد من تأثيره على جسم الإنسان.
وأضاف أن الطرق المنحرفة لم تقف عن حد الاعلانات فقط، بل وصلت إلى أن بعض الأطباء الذين يرغبون فى الثراء السريع فى الترويج لبعض المنتجات زهيدة الثمن بالنسبة لسعر المنتج الاصلى لها، مثل بالون معدة غير مصرح به من وزارة الصحة، وهناك بعض الاقاويل أنها مصنوعة من "كاوتش السيارات" والتى تتفاعل مع جدار المعدة وتسبب أمراض قد تصل إلى السرطان،وأيضاً قد تؤدى لحدوث قرح بالمعدة وثقب بالمعدة وعدم فقدان الوزن.
وأوضح عبيد أن البالون الأمريكى الأصلى يطلق عليها اوربيراORBERAانتاج شركة ابولوAPOLLOالأمريكية ومحفور على البالون اسم الشركة المنتجة، أما المزورة فلا توجد عليه اسم العلامة التجارية للشركة المنتجة، ولا حتى اسم بلد المنشأ، ويتم تهريبها إلى مصر فى "شنط" وتتم التعبئة فى مصر فيى مصانع "تحت بير السلم" بدون تعقيم أو إشراف من وزارة الصحة.
وأضاف عند وجود أى منتج طبى جديد خاصة فى مجال التخسيس أو فقدان الوزن، فيجب تجربته على حيوانات التجارب أولا ثم على مجموعة قليلة من الأشخاص ثم إذا ثبت انه آمن يطبق على مجموعة كبيرة، وإذا اثبت انه آمن تتم الموافقة عليه من منظمات الدواء العالمية، ويتم توزيعه من خلال شركات مرخصة ومعروفة عالميا، وللأسف هذا لم يحدث مع البالون التقليد.
وأكد أن عددًا من الأطباء تقدموا بأكثر من شكوى لوزارة الصحة والسكان وجهاز حماية المستهلك برقم ٢٩٦١١٣ دون جدوى، خاصة أن بعض تلك المنتجات قد تؤدى إلى أمراض سرطانية.
ونصح استشارى علاج السمنة من يرغبون فى استخدام طريقة بالون المعدة بضرورة التأكد من وجود ختم وزارة الصحة المصرية على المنتج، وأن يطالب بضرورة مشاهدة فاتورة ضريبية للبالون من الوكيل الرسمى وعليها رقم تسلسلى وختم الشركة المستوردة، بالإضافة إلى التأكد من أن يقوم بتركيب البالون، هو استشارى مناظير ويمكن الاستعلام عن هذا من موقع نقابة الأطباء، ووجود استشارى للتخدير، بالإضافة إلى أن مكان إجراء تلك الطريقة هى المستشفى وليس عيادة أو مستوصف لضمان سلامة المناظير والتعقيم، المتابعة أسبوعيا مع الطبيب لضمان نجاح البالون.
ويقول الدكتور محمد فتوح استشارى الجراحة العامة والسمنة المفرطة، إن عملية تدبيس المعدة تعتبر من تاريخ العمليات التى تجرى لإنقاص وزن أصحاب السمنة المفرطة، إلا أن بعض الأطباء فى مصر لا يزالون يجرون تلك الجراحة وعلى الرغم من أن نتائجها جيدة فى البداية فقط ولكنها قد تؤدى فى كثير من الأحيان إلى الوفاة.
وأضاف فتوح أن عملية تدبيس المعدة تقوم على تصغير حجم المعدة بصورة كبيرة فلا يستطيع المريض تناول كميات كبيرة من الطعام فيقل الوزن، بالإضافة إلى وضع شبكة حول معدة المريض كى تمنع تمدد المعدة مرة أخرى ولكن بسبب أن هذه العملية بتجاهل مركز الجوع داخل المعدة، فإن المريض يشعر دائما بالجوع لكنه لا يستطيع الأكل وينتج عن ذلك عودة المريض للأكل بشراهة مرة أخرى، فيسبب "قىء مستمر" للمريض أو قد يؤدى امتلاء المعدة من ثم تصريف الطعام خارج المعدة.
وتابع استشارى الجراحة العامة قد تحدث بعض المضاعفات كأن تتسع المعدة مرة أخرى ولكن بصورة أكبر، مما يتسبب بشرهة كبيرة لدى المريض فيكتسب وزن بسرعة مرة أخرى أو قد تؤدى بعض المضاعفات حدوث الوفاة.
وعن سيكولوجية الأشخاص الذين يلجئون إلى الطرق الغريبة فى علاج السمنة، تقول الدكتورة رانيا صابر أخصائية نفسية، يشير علماء النفس أن سيكولوجية ممن يعانون من السمنة وخاصة المفرطة منها دائما ما يشعرون بالاكتئاب والقلق من راى الاخرين فى أجسادهم، مما يسبب تشويه لصورة الذات لديهم.
وأضافت أن من يعانون من السمنة ولا يستطيعون الالتزام بنظام غذائى صحى أو ممارسة الرياضة بشكل منتظم، يتسمون بالسلوك الاندفاعى والسلوك العدوانى الذى يعرضهم فيما بعد لتناول كميات كبيرة من الطعام ثم يشعرون بالذنب جراء سلوك النهم بالاكل فيدفعهم هذا الشعور لتناول مدرات البول والبحث عن المنتجات معدومة الثقة التى تساعدهم على فقدان الوزن بصورة سريعة بصرف النظر عن تأثيرها السلبى على الصحة على المدى البعيد.
وأوضحت د. رانيا، أن سيكولوجية بعض المرضى قد وصلت لحد من التهاون وفقدان الثقة بالنفس والاعتقاد بانهم غير قادرين على اتباع نظام غذائى سليم حيث يفقد المريض هنا الثقة فى ذاته تماما فيلجأ الى التهاون فى صحته ويتناول منتجات تُضر بصحته أو لعمليات التجميل التى قد تفوق خطورتها خطورة السمنة عنده.
وأشارت إلى أن مرضى السمنة غالبا ما يعانون من اضطرابات الأكل، وهى عبارة عن نوبات يحدث فيها تناول لكميات كبيرة من الطعام ثم الشعور بتأنيب ضمير يليه إحداث قئ قهرى أو استخدام الملينات أو مدرات البول، ومن أهم أعراض اضطرابات الأكل هو فقدان الفرد تماما للسيطرة على سلوك الأكل وتناول كميات كبيرة من الطعام فى وقت قصير أكثر من الأفراد العاديين.
وأضافت الأخصائية النفسية، أصحاب هذا الاضطراب يقومون بتناول الطعام سرا نتيجة الضغط العصبى والمشاعر السلبية ويستمر الفرد فى الأكل حتى الشبع بطريقه زائدة ثم يتخلص من الطعام بسلوك قهرى ويظهر هذا الاضطراب بنسب أكبر لدى النساء مقارنة بالرجال وينحصر بشدة فى حب تناول الحلويات والايس كريم وتحدث حالات النهم فى الصباح أو بعد الظهر وتكثُر بعد حرمان النفس من الطعام لفترة طويلة رغبة فى وزن مثالى أو بعد المرور بتفاعل اجتماعى سلبى وأثناء نوبة النهم يفقد المرضى الوعى بسلوكه، ويشعر المرضى بهذا الاضطراب بعدم رضا عن اجسامهم طوال الوقت.
وأوضحت د. رانيا، عادة ما يبدأ هذا الاضطراب مع بداية فترة المراهقة أو نهايتها وهناك مشاكل نفسية مصاحبة لاضطرابات الأكل كالقلق والاكتئاب والسلوك العدوانى والقولون العصبى. وحدوث الحيض مبكرا أو تأخره وانقطاعه فى مرضى النهم العصبي، أما عن الأسباب النفسية لاضطرابات الأكل فتشير الدراسات أن السمنة فى الطفولة تؤدى بالأفراد فى الرشد للإصابة بالاضطراب حيث يتعرض الطفل لتعليقات جارحة من الآخرين أو الاعتداء بالضرب أو العدوان الجنسى كلها تعكس فى خيال الطفل صورة سلبية عن الذات تنمو معه حتى النضج.
ومن الأسباب أيضا للإصابة باضطراب الأكل هى رغبة الفرد فى الوصول لجسم مثالى فيمتنع عن الطعام وهنا يتولد فى العقل الباطن أن الطعام شئ مُحرم فيزيد من شراهة الفرد له حيث يحاول العقل الباطن التخلص من التقيد ، ويصاحبها مشاكل نفسية متعددة كاعتلال المزاج وضعف التركيز وفقدان الشهوة الجنسية.
العلاج النفسى يساعد كثيرا مرضى السمنة فى التخلص من المشكلة حيث يركز المعالج النفسى على تحسين صورة الذات لدى الفرد والإشارة الى معايير الجمال والجلسات الجماعية فى العلاج تساعد الأفراد من حيث تشجيعهم على الوصول إلى نماط غذائية طبيعية.