قال علماء أمريكيون إن الضغوط يمكن أن تتراكم على الإنسان بكل الأشكال والصور، سواء من خلال وقوع أحداث مؤسفة فى حياته، مثل فقدان وظيفة أو إنهاء علاقة زواج، أو ببساطة من خلال تراكم المتاعب اليومية العادية، حتى يصل الإنسان إلى نقطة عدم العودة.
ووفقا لهانز سيلى العالم الرائد فى مجال الإجهاد البيولوجى فإن الإنسان يشعر بالتوتر والضغط العصبى عندما يختل إحساسه بالتوازن ويحتاج جسمه إلى الاعتماد على موارده الداخلية لاستعادة التوازن، لكن عندما تصل الضغوط إلى الحد الذى يصل فيه الإنسان إلى استنفاد موارده الداخلية وفقدان القدرة على التعامل، يكون قد وصل إلى تلك النقطة الفسيولوجية والنفسية الفاصلة والمعروفة باسم الإجهاد الزائد.
وألقت دراسة بحثية جديدة - نشرت في مجلة جورنال أوف ستريس - الضوء على الأعراض التى يمكن ملاحظتها عند الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الزائد، وكيف يتم فى كثير من الأحيان تجاهلها حتى فوات الأوان، وعلى الرغم من أن هناك عددا كبيرا من الأعراض ترتبط عادة بالإجهاد، بما فى ذلك التعب، والأرق، والصداع، إلا أنها يمكن أن تنطبق على أى موقف مرهق، سواء كان الشخص يعانى من الإجهاد الشديد أم لا.. ففى حين أن تلك الأعراض قد تعنى أن الشخص بحاجة إلى الراحة والاسترخاء، إلا أنها لا تمثل علامات تحذير بأنه قد يكون على وشك الإصابة بأزمة صحية خطيرة.
وقد ركز جيمس أميرخان رئيس فريق الدراسة والزملاء فى جامعة لونج بيتش بولاية كاليفورنيا، على تحديد أعراض الإجهاد التى شهدها جميع المشاركين خلال فترة الدراسة، وقد شملت الدراسة عينة ممثلة للمجتمع تصل إلى 440 شخصا بالغا، وقام الباحثون بتقسيم المشاركين بالتساوى تقريبا حسب نوع الجنس 51 % من الإناث يمثلون مختلف الفئات العمرية.. وقامت الدراسة بقياس نوعين من الإجهاد: الأول الإجهاد الناتج عن وقوع حدث معين، وهو الإجهاد الناتج عن تحمل أمور فوق الطاقة، وقياس شعور المشاركين بالإجهاد من المسئوليات الملقاة على كاهلهم، والثانى.. الإجهاد الناتج عن طبيعة الشخصية، وهى تركز على إحساس الشخص بعدم قدرته على التعامل مع الإجهاد.
وكشف التحليل الإحصائى للدراسة مجموعة من الأعراض الجسدية وارتباطها بالإجهاد الزائد، حيث حددت الدراسة الأعراض المرتبطة بالحالة المزاجية، مثل الشعور بالتعب عند الاستيقاظ، والتهيج العصبى المفرط، والمشاعر المتقلبة، ونفاد الصبر، ونوبات العصبية، وفقدان المزاج، بالإضافة إلى تحديد الأعراض العصبية الموحية، مثل سرعة التحرك ذهابا وإيابا، وإهمال النظافة الشخصية، وارتكاب الإخطاء، والارتجاج، وقضم الأظفار وأقلام الرصاص، وما إلى ذلك، وكذلك أعراض الاضطراب المعرفى مثل انخفاض علامات الأداء الدراسى، وفقدان التركيز، وصعوبة اتخاذ القرارات، ومشاكل الذاكرة، ونسيان المواعيد، وما إلى ذلك.
وفى حين أن بعض الباحثين قد طرحوا منذ فترة طويلة ضرورة تشخيص الإجهاد الزائد بصورة رسمية، إلا أنه كان من الصعب إيجاد علامات تشخيص واضحة حتى الوقت الحالى.
ويعتقد الباحثون أنه مع مزيد من الدراسات البحثية مثل هذه الدراسة، قد يصبح من الممكن تحديد الأعراض الرئيسية للإجهاد بحيث يتنبه العاملون فى مجال الرعاية الصحية لخطورة حالة المرضى، وبالتالى توفير العلاج فى الوقت المناسب.