فى الصيف الحار نفقد الكثير من الماء والمعادن عن طريق العرق والتنفس والدموع والإخراج، ويحدث الجفاف عندما لا يتم تعويض ما يفقده الجسم من الماء. والجفاف من عوامل الخطر الأكثر شيوعا لحدوث حصوات الكلى، والذين يعانون من تكرار حصوات الكلى تقل لديهم فرص حدوثها فى المستقبل إذا داوموا على شرب كميات وفيرة من المياه والسوائل.
ويقلل الجفاف المناعة مما يجعل المرء أكثر عرضة لمسببات الحساسية، وعندما نشرب الماء نخفف من الهيستامين وسيط الحساسية الشهير، ونحد من أعراض الحساسية. الجفاف يضر مجرى الهواء، فيسبب جفاف الأغشية المخاطية خاصة فى الجهاز التنفسى، وجفاف المخاط مما يجعله سميكا لزجا شديد الالتصاق، ويصعب تخلص الرئتين منه ومن الإفرازات التنفسية، وبالتالى يزيد من بطء حركة البلغم والإفرازات التنفسية والتصاقها وتراكمها على الأغشية المخاطية، كما يسبب أيضا الحساسية الصدرية والأزمات الربوية وبالتالى الكحة وضيق النفس. الجفاف يبطئ حركة الأهداب التنفسية، وبالتالى صعوبة التخلص من المواد الغريبة والبلغم.
وأكدت الدراسات الحديثة أن الذين يعانون من الجفاف أكثر عرضة للإحساس بالضيق والتعب.. التعب هو أكثر أعراض الجفاف شيوعا خاصة فى منتصف النهار. العطش أول أعراض الجفاف، وعند الشعور به يعنى ذلك فقدان حوالى 1% إلى 2% من الوزن أو كيلوجرام تقريبا من وزن الشخص البالغ.
الجفاف يؤثر على المخ، فهو يسبب تقلب المزاج والصداع والتعب وصعوبة التركيز، ويؤثر سلبا على الذاكرة، ويقلل الجفاف من المهارات المعرفية والحركية، ويزيد من وقت رد الفعل، والمؤلم أن الجفاف يجعل الفرد أكثر حساسية للألم.
ضربة الشمس هى ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى أكثر من 40 درجه مئوية، وهى السبب الرئيس للوفيات عند الحجاج والمعتمرين صيفا، حيث تسبب حوالى 28% من الوفيات. تحدث ضربة الشمس بسبب ارتفاع حرارة الجو والرطوبة، خاصة مع قلة حركة الهواء بسبب الازدحام، والإجهاد، والإصابة بأمراض مزمنة كمرض السكر وأمراض القلب، والكلى، والسمنة، وقلة السوائل والجفاف، والشيخوخة. تتميز ضربة الشمس بغياب العرق، وعدم الاستقرار الذهنى وفقدان الوعى. العلاج يتم بالتبريد بتغطية المريض بشاش مرطب، مع رذاذ الماء العادى فى درجة حرارة الغرفة، وتسليط المراوح الكهربائية عليه من كافة الاتجاهات.
يهدد الجفاف الرضع والأطفال أقل من خمس سنوات. الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات خاصة الرضع يتأثرون بسرعة بارتفاع درجات حرارة الجو. الإصابة السنوية فى العالم من أمراض الإسهال حوالى 1.5 مليار، وتقدر وفيات الأطفال أقل من خمس سنوات من الإسهال 525 ألفا فى السنة حاليا حسب أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية فى مايو 2017، بعد أن كانت 4 ملايين سنويا. الرضع حساسون جدا لتأثيرات ارتفاع درجات الحرارة. على الأمهات والقائمين على رعاية الرضع متابعتهم عن كثب خلال الجو الحار لتجنب إصابتهم بالجفاف. قد لا تظهر علامات وأعراض الإجهاد الحرارى فى الرضع فى وقت مبكر. من علامات الجفاف ألا يبدو الرضيع على ما يرام، فيلاحظ أنه متغير عكس المعتاد، مع رخاوة الجسم، والتهيج، وزيادة العصبية. من العلامات الخطرة للجفاف فقدان للوعى، وارتفاع درجة الحرارة، وغور العينين، وجفاف الفم شاملا جفاف الشفتين والغشاء المخاطى للخدين واللسان. من علامات جفاف الجلد، انخفاض مرونة الجلد، ويظهر ذلك بالشد الخفيف لجلد البطن أو الرقبة أو اليد فيلاحظ تأخر عودته لمستوى ما قبل الشد.
يلاحظ أيضا رفض الشرب، وقلة كمية البول، وقلة عدد مرات التبول، وجفاف الحفاضة، وقلة عدد الحفاضات المستخدمة فجأة، وبكاء الرضيع بدون دموع. انخفاض اليافوخ الأمامى فى الرضع من علامات الجفاف، اليافوخ الأمامى هو الجزء اللين من رأس الطفل، ويكون مفتوحاً عادة عند الولادة وحتى عمر سنة ونصف تقريبا، ويقيس حوالى 3 سم، ويقل حتى يقفل ما بين عمر سنة ونصف إلى سنتين، كلما انخفض عن مستوى ما حوله من الرأس دل ذلك على الجفاف. كلما زاد شعور الطفل بالعطش دل ذلك على الجفاف. يفقد الرضيع السوائل مع زيادة العرق، والحمى، وارتفاع درجة حراره الجو، وجفاف الجو، والمجهود الزائد مثل لعب الأطفال فى أيام الشمس الحارقة، والقئ، والاسهالات، وتعرق الرضع. زيادة العرق باستمرار عملية طبيعية فى الغالب قد تستمر حتى حوالى أربع سنوات من العمر، والتعرق فى الرأس، خصوصا أثناء النوم شائع جدا فى الأطفال.
الأطفال المبتسرون لا يعرقون لعدم إكتمال نمو الغدد العرقية، ويبدأون فى التعرق فى اليوم الثالث عشر تقريبا بعد الولادة، ويزداد نشاط الغدد العرقية بالتدريج. الطفح الحرارى (حمو النيل) يظهر عندما يتعرض الأطفال لدرجة حرارة عالية مع زيادة فى الرطوبة وتنسد فتحات الغدد العرقية، ويحتبس العرق فى قنوات الغدد الرقية فيتسرب للأنسجة مؤديا لظهور حبيبات صغيرة مع الهرش الشديد. عدم النضج النسبى للقنوات العرقية فى الأطفال والرضع عامل هام يمهد لحمو النيل فى مرحلة الطفولة المبكرة، وتساعد الملابس الثقيلة والحفاضات على سد مسام الغدد العرقية. المواليد والرضع يعرقون أكثر بسبب أن الجهاز العصبى يتحكم فى درجة حرارة الجسم، وقد لا يكون ناضجا تماما فى حديثى الولادة. الغدد العرقية فى المواليد ليست نشطة إلا فى جبهة الرأس، والأطفال حديثى الولادة غير قادرين على تنظيم درجة حرارة الجسم مثل البالغين.
بعض الأطفال يعرقون وبشكل طبيعى أكثر من غيرهم، تماما مثل بعض البالغين. تعتمد كمية إفرازات العرق على عوامل مختلفة أهمها درجة حرارة الجو، والرطوبة النسبية، وكمية السوائل، والسمنة، والوراثة، والتوتر، والقلق. تعرق الراحتين وباطن القدمين يحدث غالبا مع البيئات المغلقة لقلة دوران الهواء، ومواقف التوتر والغضب، والملابس الثقيلة، وحينها يجب تغيير الملابس المبتلة بالعرق فورا. الأطفال حديثى الولادة يميلون للتعرق بغزارة فى أعمق جزء من دورة النوم ليلا، والطفل حديث الولادة ينام من 16-18 ساعة يوميا على فترات قصيرة من 3-4 ساعات، وخلال فترات نوم الرضع يمر بدورات هى النعاس ونوم حركة العين السريعة والنوم الخفيف والنوم العميق والنوم العميق جدا. أثناء النوم العميق جدا، يمكن أن يحدث التعرق الغزير حتى عند البالغين، إلى النقطة التى قد يستيقظ عندها النائم غارقا فى العرق. الأطفال يقضون الكثير من الوقت فى النوم العميق، لذا فهم أكثر عرضة للعرق فى الليل مقارنة مع الأطفال الأكبر سنا.
للوقاية من الجفاف يفضل خفض الحرارة، والتهوية الجيدة بفتح النوافذ والبلكونات وأبواب الغرف، ولا مانع من استخدام المراوح، على ألا توجه للطفل والسماح بدوران وجريان الهواء فى الغرفة حوله، ولا مانع من استخدام أجهزة التكييف ومراعاة أن درجة حرارة أجهزة التكييف المثالية 24 درجة مئوية.
ملابس الرضع فى الصيف يجب أن تكون خفيفة، وبدون طبقات، والأفضلية لإرتداء ملابس قطنية، والملابس الواسعة التى لا تلتصق بالجلد، مع كشف الذراعين ولاداعى للبنطلونات، والاستحمام مرة أو أكثر يوميا. يفضل إختيار مكان نوم الرضيع بحيث يكون أبرد منطقة فى المنزل، وبعيدا كل البعد عن أى أجهزة تسبب إرتفاع فى درجة الحرارة، وفى غرفة نوم قليلة الأثاث والفراش لتسمح بدوران الهواء حوله.
يفضل أن ينام الرضيع بدون غطاء. لا لنوم الرضيع فى عربة الأطفال، فهى تصبح ساخنة بسهولة. إذا لم تتوفر مروحة أو مكيف الهواء، فالعودة للتهوية الطبيعية أيسر، وتغطية الرضع والأطفال الصغار بقطع قماش رطبة باردة، مع وضع فوط مبللة بجوار السرير لتبريد الهواء حولهم، مع رفع السجاجيد، ومسح الأرضيات عدة مرات. لاداعى لإصطحاب الرضع خارج البيت فى الأجواء الحارة، ولا داعى للسفر لمسافات طويلة غير مأمونة حتى فى طرق المواصلات المكيفة. عند الاضطرار للذهاب خارج البيت، لا تستخدم سيارة تعرضت لأشعة الشمس فترة طويلة قبل الركوب، وإركن السيارة فى جراج مغطى وليس فى الشوارع، وتجنب أشعة الشمس فجلد الرضع رقيق، ويسخن بسهولة حتى من الهواء الداخل من نافذة السيارة، مع تغطية الرضيع بغطاء قطنى أبيض خفيف متسع المسام.
ويراعى الاستظلال تحت الأشجار أو الشماسى أو ظل المبانى، مع وضع كريمات حامية من الشمس مأمونة للرضع بطبقة رقيقة، وعدم تغطية عربة الطفل بغطاء سميك أو معتم، وعدم وضع الطفل بجوار الحيوانات الأليفة، ووضع الطفل فى المقعد الخلفى، والقط أو الكلب بجوار السائق. التعرض لأشعة الشمس الضارة وقت الظهيرة يؤذى العين، ويؤدى إلى احمرار مقلتى العينين وانتفاخهما، ويضر الجلد، وربما يسبب حرق الجلد، ويسبب العرق الشديد الذى ربما يسبب الجفاف. الإصابة بسرطان الجلد فى الكبار تزداد فى الذين تعرضوا لأشعة الشمس الضاره لفترات طويلة منذ الطفوله خاصة فتره الرضاعة.
ويراعى تغذية الرضع فى الأجواء الحارة بكميات كافية تزداد مع الطقس الحار، وأطفال الرضاعة الطبيعية الأقل من ستة شهور يحتاجون زيادة من لبن الأم فى الأجواء الحارة، مع شرب كميات قليلة من الماء المغلى المبرد بين وجبات الرضاعة الطبيعية، وتجنب المشروبات المحلاة أو المصنعة. فى الرضع أكبر من سنة والأطفال الصغار، يراعى شرب الماء المغلى المبرد. على الجميع تناول البطيخ والشمام والطماطم والخيار والخس والزبادى واللبن الرايب، والأولوية للفاكهه الطازجة وعصائر الفاكهة الطبيعية وليست الجاهزة المصنعة. الأطفال الأكبر من ستة شهور يستطيعون مصمصة قطع الفاكهة كالبطيخ أو البرتقال. يشمل علاج الجفاف محلول الجفاف الفموى للإرواء فى حالات الجفاف البسيطة، ومحاليل الجفاف الوريدى فى المستشفيات لعلاج حالات الجفاف الشديدة.