"اقفل التلسكوب وافتحه.. طيب جرب تهزه".. القصة الكاملة وراء إصلاح "هابل"

اقفل الراوتر وافتحه.. عبارة شهيرة يتدوالها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعية بعدما أصبح هذا التعليق كحل لإصلاح عيوب سرعة الإنترنت الذى ينصح به موظفى الدعم الفنى، والكثير منا يلجأ لهذا الحل عندما تتعطل إحد الأجهزة الكهربائية معه، والغريب أنه فى بعض الأحيان يأتى هذا التصرف بنتيجة ونجد أن الجهاز يعمل وكأن شيئاً لم يكن، لكن يبدو أن الحظ لم يحالف وكالة ناسا المختصة بعلوم الفضاء عند استخدامها هذه الطريقة لإصلاح تليسكوب هابل الشهير. تلسكوب هابل الفضائى يعد من أكبر وأقوى التليسكوبات ذات التقنيات المرتفعة فهو يستخدم كأداة بحث حيوية فى عالم الفلك ويلتقط العديد من صور الرائعة التى تستكشف عالم الفضاء من حولنا، وخلال الأسبوع الأول من الشهر الحالى، فشل أحد الجيروسكوبات الثلاثة فيه، ويحتاج التليسكوب العملاق إلى هذه الأجهزة التى تحتوى على عجلات لقياس سرعات الدوران والتركيز على الأشياء الموجودة فى الفضاء التى يلتقطها ويصورها فوتوغرافيا. طمأنت وكالة ناسا متابعيها فى بيان قائلة أن الانهيار كان متوقعا، لأن الجيروسكوب كان يعرض سلوكا يشير لذلك منذ حوالى عام، ولاستبداله، قام مهندسو ناسا بتشغيل جيروسكوب النسخ الاحتياطى الذى كان خاملا منذ أوائل عام 2011، وبدأ الجيروسكوب فى الدوران على الرغم من عدم استخدامه لمدة أكثر من 7 سنوات لكنه كان يعرض قراءات عالية جدا، وقالت ناسا إن هذا التناقض كان شبيها بمقياس السرعة فى سيارتك التى يظهر باستمرار أن سرعتك هى 100 ميل فى الساعة بشكل أسرع مما هى عليه فى الواقع". توقع المهندسون أن المشكلة ممكن أن تكون نوعا من العوائق الميكانيكية، وخوفا من تعطله تماما، وضعت ناسا التلسكوب فى "الوضع الآمن"، مما يحد من عملياته، بنفس الطريقة التى يعمل بها جهاز الكمبيوتر لديك إذا تم وضعه على هذا النظام فهو لا يعمل بكامل إمكانياته، وقال باتريك كروس مدير مشروع عمليات هابل لصحيفة واشنطن بوست "إن إبقاء التلسكوب فى الوضع الآمن يعنى أيضا لم نكن نقوم بالعلوم وأن "مغلق" للاكتشافات الجديدة". مرت الأيام، وأجرت فرق ناسا الاختبارات، واستعرضت ما يمكن القيام به لمعالجة المشكلة بأقل قدر ممكن من الضرر إلى التلسكوب الثمين والمكلف، وعلى الرغم من أن هابل يمكن أن يعمل مع عدد قليل من الجيروسكوبات، فإنه يستخدم عادة ثلاثة لأقصى قدر من الكفاءة. وفى 16 أكتوبر، حاول فريق هابل استخدام تقنية "إعادة التشغيل"، عن طريق إغلاق الجيروسكوب لمدة ثانية واحدة ثم إعادة تشغيله مرة أخرى حتى لا يفقد الجيروسكوب عجلاته، ولسوء الحظ، أسلوب "هل جربت إطفاءه ثم تشغيله؟" الذى يستخدم كملاذ أول من قبل فريق الدعم الفنى على كوكب الأرض لم يعمل فى الفضاء. ثم لجأ الفريق إلى "قلب" المركبة الفضائية "هابل" بشكل متكرر فى اتجاهين متعاكسين، لمعرفة ما إذا كانت "ستطرد" أى شىء يعيق جيروسكوب، فلاحظ الفريق انخفاضا كبيرا فى المعدلات العالية، ويبدو أن هذه الطريقة قامت بحل المشكلة وعادت معدلات الدوران طبيعية فى الوضعين المرتفع والمنخفض. ثم قاموا بتنفيذ مناورات إضافية للتأكد من أن الجيروسكوب سيظل مستقرا مع بدء تحرك المركبة الفضائية للتلسكوب ولم ير الفريق أى مشاكل واستمروا فى مراقبة الجيروسكوبات خلال عطلة نهاية الأسبوع لضمان استقرارهم. Hubble is back!!! At 9:00 PM EDT last night the spacecraft was returned to normal science operations, and at 2:10 AM EDT today it completed its first science observations since October 5. For more details: https://t.co/lT2Wpycqw2 pic.twitter.com/RIcrSyJ2hF — Hubble (@NASAHubble) October 27, 2018 ومنذ أيام قليلة، أعلنت ناسا أن التليسكوب عاد للعمل بكامل طاقته، وأنه أكمل أول ملاحظاته العلمية يوم السبت 27 أكتوبر الساعة 2:10 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة بعد النجاح فى إصلاح جيروسكوب النسخ الاحتياطى، الذى حل محل الجيروسكوب الذى توقف عن العمل منذ ثلاثة أسابيع مضت. وأوضح المسؤولون فى ناسا أن هابل كان من المخطط له أن يدوم 15 عامًا، لكنه فى طليعة الاكتشافات العلمية منذ أكثر من 28 عامًا ويتوقع فريق ناسا أن يستمر التلسكوب فى تحقيق اكتشافات مذهلة خلال العقد القادم، مما يمكنه من العمل بجانب "تلسكوب جيمس ويب الفضائى".