يقضى ما يقرب من مليار شخص من أعمار وخلفيات متنوعة ساعات طويلة فى تصفح تطبيق مشاركة الصور إنستجرام، يشاهدون ما ينشره المشاهير والمؤثرين، ويتابعون صور أصدقائهم، ويبحثون عما هو دارج فى عالم الموضة وغيرها، ويشاركون أيضا لحظات من حياتهم الخاصة مع أصدقائهم ومتابعيهم.
وبذلك أصبح إنستجرام نافذة يمكن من خلالها الاطلاع على حياة الآخرين ومتابعة تفاصيل ما يحدث فى يومهم لحظة بلحظة سواء من خلال القصص أو ما ينشر على الحسابات المختلفة، ومن هنا بدأ البعض يشعر وكأنه شخص غير كاف، وأن حياته بائسة عندما يحاول مقارنتها مع حياة من يتابعهم.
وعلى مدار السنوات الماضية كان هناك العديد من الأبحاث والدراسات التى بدأت ترصد أضرار التطبيق، والآثار السلبية التى يتركها فى نفس المستخدمين، وكانت النتائج صادمة، وفيما يلى نستعرض أبرز ما جاء فى تلك الأبحاث.
دراسات عكست مخاطر التطبيق
فى عام 2018 نشر موقعphysالأمريكى بحثا من "نوتردام" يبحث فى أسباب كون وسائل التواصل الاجتماعى ليست جيدة لنا دائمًا، خاصة للشباب والفتيات، فأثناء عملها كمعلمة لاحظت كارمن بابالوكا اتجاهًا مقلقًا مع طلابها، الباحثة المسؤلة عن الدراسة: "كنت ألاحظ مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على طلابي.. طوال حياتهم".
وعلى وجه الخصوص كان لوسائل التواصل الاجتماعى تأثير سلبى كبير على الصحة العقلية لطلابها، إذ لاحظت كارمن أنه مع مشاركة الجميع لحظات حياتهم المميزة على تلك المواقع، تجد النساء الشابات صعوبة فى رؤية حياتهن الخاصة أو حتى أجسادهن على أنها جيدة بما فيه الكفاية.
وعملت كارمن أيضًا إلى جانب مستشارين فى قسم خدمات الطلاب لتقديم الدعم، وقالت: "لقد كان لدى حرفياً فرصة للتحدث مع الطلاب الذين كانوا يواجهون مشاكل مع وسائل التواصل الاجتماعي".
ورغبة فى فهم المزيد حول هذه القضية وما الذى يمكن عمله، بدأت كارمن درجة الدكتوراه فى جامعة نوتردام، وكان محور بحثها هو استخدامInstagramبين النساء الشابات اللائى تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عامًا.
وأحد النتائج الرئيسية لعملها حتى الآن هى أن مستخدمى Instagramالإناث الأصغر سناً فى دراستها وجدوا أن الصور على التطبيق جعلتهم يشعرون بقلق شديد تجاه أجسادهم.
ومع ذلك، فإن النساء الأكبر سناً (منتصف العشرينات) شعرن بعدم الملاءمة حول عملهن وأسلوب حياتهم، وبالمقارنة مع صور الحياة الاجتماعية الرائعة ومهن الآخرين علىInstagram، شعروا أن حياتهم الخاصة "تفتقر إلى المعنى".
هل التكنولوجيا وراء هذا الشعور؟
فى كثير من الأحيان، يتم إلقاء اللوم على التقنيات الجديدة بالكامل، ولكن إذا أردنا إيجاد حل حقيقى لهذه المشكلات، فنحن بحاجة إلى أن نتعمق أكثر قليلاً.
وأشارت كارمن إلى أن الشيء المخيف حول وسائل التواصل الاجتماعى هو أنه يمكن الوصول إليها طوال اليوم، كل يوم، ومن أى مكان طالما أردت.
بمعنى آخر، ليست المشكلة هى فقط انستجرام، إنها الضغوط الاجتماعية التى تمارس على النساء الشابات والتى كانت جزءًا من ثقافتنا لسنوات عديدة والتى أصبحت تتضخم الآن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
إنستجرام أسوأ شبكة تواصل
نشر موقعtimeالأمريكى تقريرا فى عام 2017 بعنوان "لماذا يعد إنستجرام أسوأ شبكة تواصل على الإطلاق؟"، وذكرت أن وفقًا لمسح شمل حوالى 1500 شابا وشابة، فإن تطبيق مشاركة الصور ارتبط بمستويات عالية من القلق والاكتئاب والتسلط وFOMO، أو "الخوف من الضياع".
ومن بين خمس شبكات اجتماعية مدرجة فى الاستبيان، حصلYouTubeعلى أعلى الدرجات فى الصحة والرفاهية وكان الموقع الوحيد الذى حصل على درجة إيجابية صافية من قبل المجيبين، واحتل موقع تويتر المرتبة الثانية، يليهFacebookثمSnapchat، وجاءInstagramفى المركز الخامس.
وتضمن استبيان StatusOfMind، الذى نشرته الجمعية الملكية للصحة العامة فى المملكة المتحدة، مدخلات من 1479 شابًا (تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عامًا) من جميع أنحاء إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية.
وأجاب الناس على أسئلة حول كيفية تأثير منصات التواصل الاجتماعى المختلفة على 14 قضية مختلفة تتعلق بصحتهم العقلية أو البدنية.
وهناك بالتأكيد بعض الفوائد المرتبطة بالشبكات الاجتماعية، إذ حصلت جميع المواقع على درجات إيجابية للهوية الذاتية والتعبير عن الذات وبناء المجتمع والدعم العاطفى، على سبيل المثال، حصلYouTubeأيضًا على علامات عالية لإثارة الوعى بالتجارب الصحية للأشخاص الآخرين، وتوفير الوصول إلى المعلومات الصحية الجديرة بالثقة وخفض مستويات المشاركين فى الاكتئاب والقلق والوحدة.
لكنهم تلقوا جميعًا علامات سلبية، خاصة بالنسبة لجودة النوم والبلطجة والـFOMO، وعلى عكسYouTube، ارتبطت الشبكات الأربع الأخرى بزيادة فى الاكتئاب والقلق.
دراسات سابقة
وتشير الدراسات السابقة إلى أن الشباب الذين يقضون أكثر من ساعتين فى اليوم على مواقع التواصل الاجتماعى هم أكثر عرضة للإبلاغ عن الضائقة النفسية، ويقول تقرير StatusOfMind: "إن رؤية الأصدقاء باستمرار فى إجازة أو الاستمتاع فى الخارج يمكن أن يجعل الشباب يشعرون أنهم فى عداد المفقودين بينما يستمتع الآخرون بالحياة، وهذه المشاعر يمكن أن تعزز موقف" المقارنة واليأس.
وكتب المؤلفون أن مشاركات وسائل التواصل الاجتماعى يمكن أن تضع توقعات غير واقعية وخلق مشاعر عدم كفاية وتدنى احترام الذات، قد يفسر هذا سبب حصولInstagramعلى أسوأ التقيمات فى التأثير على الطريقة التى يرى بها المستخدمين أجسادهم.
كما كتب أحد المجيبين على الاستطلاع: "إنInstagramيجعل الفتيات والنساء يشعرن بسهولة أن أجسادهن ليست جيدة بما فيه الكفاية حيث يضيف الأشخاص الفلاتر ويقومون لكى يظهروا بشكل مثالى.
ووجدت أبحاث أخرى أنه كلما زاد عدد الشبكات الاجتماعية التى يستخدمها الشباب، زاد احتمال تعرضهم للإصابة بالاكتئاب والقلق.