لا يمكن الاستغناء عن الفولاذ في الحياة الحديثة، فهو أساس التشييد والبنى التحتية وصناعة الآلات والأدوات المنزلية، لكن له بصمة كربونيةً هائلةً، نجم عن كل طن فولاذ أنتج في العام 2017 نحو 1.83 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون وسطيًا، وفقًا لورقة نشرتها جمعية الفولاذ العالمية، إذ جاء فيها "تولد صناعة الفولاذ نحو 7-9% من الانبعاثات المباشرة التي يخلفها الاستخدام العالمي للوقود الأحفورى"، بحسب موقع مرصد المستقبل الإماراتي.
يسعى العلماء إلى تطوير تقنيات شتى واختبارها ضمن جهود حثيثة لتخفيض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج الفولاذ، وتنامى مؤخرًا الإقبال على الهيدروجين ليعمل بديلًا أساسيًا لتسهيل انتقال الطاقة، إذ مول الاتحاد الأوروبي مشروع إتش2 فيوتشر الذي يهدف إلى اكتشاف سبل جديدة لإمداد الطاقة وتمهيد الطريق لنزع الكربون تدريجيًا من عمليات إنتاج الفولاذ، ودشن مصنعًا للطاقة في مدينة لنز النمساوية لتوليد الهيدروجين الصديق للبيئة من كهرباء متجددة.
تبلغ سعة المصنع الإنتاجية 6 ملايين واط وينتج 1200 مترًا مكعبًا من الهيدروجين الأخضر، وفقًا للموقع الإلكتروني لشركة فوستالباين شريكة المشروع، وجاء أيضًا إن المشروع يمثل علامةً بارزةَ للتطبيقات التجارية للتحلل الكهربائي وفي المصافي ومصانع الأسمدة والقطاعات الصناعية الأخرى التي تتطلب كميات هيدروجين هائلة، فهو يخلق قاعدةً لمشروعات مستقبلية على مستوى صناعي.
موازنة الطاقة المتقلبة
يخطط العلماء لاختبار القدرة التخزينية للهيدروجين للمساعدة في موازنة تقلبات شبكة الكهرباء الناجمة عن عملية التقلب في توليد الكهرباء من مصادر صادقة متجددة، بالإضافة إلى استخدامه لإنتاج الفولاذ في المدينة ذاتها، تكمن الفكرة في استغلال فائض الطاقة المتجددة لتوليد الهيدروجين عند انخفاض الطلب وتخزين الهيدروجين لإمداد الطاقة عند ارتفاع الطلب عليها، قال ولفغانغ أنزينغروبر المدير التنفيذي لشركة فيربوند منسقة المشروع «الهيدروجين صديق للبيئة عند إنتاجه باستخدام الطاقة الناتجة عن المصادر المتجددة، ويتيح لنا تخزين إمدادات متقلبة من الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة كالرياح والشمس.»
آلية العمل
تكمن فكرة مصنع الطاقة في التحلل الكهربائي الذي يتفكك فيه الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام تيار كهربائي. شرح موقع المشروع العملية: تعمل التقنية بالاستعانة بغشاء لتبادل البروتونات، ويمتاز بكونه نفاذ للبروتونات لا للغازات كالهيدروجين والأكسجين، ما يعني أن الغشاء يعمل أداة فصل تمنع اختلاط الغازات الناتجة، وأشار إلى أن اختبار هذه التقنية على مستوى صناعي وتحفيز تغيرات الحمل السريع في الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة ومن موازنة شبكة الكهرباء عوامل أساسية في هذا المشروع الأوروبي.
يشير شركاء المشروع إلى أنه على الرغم من أن التقنية ما زالت وليدةً، إلا أن إمكانية تسخيرها في مجالات متباينة مثل قطاعي الصناعة والنقل مثل الشحن والتنقل بالقطارات عالية، تستخدم الحالاّت الكهربائية لإمداد شبكات الكهرباء وتوفير خدمات لشبكات النقل فائضة الحمل المتزايدة، وسينتهي المشروع في منتصف العام 2021.