ينتاب كثير من الناس المخاوف عندما يقودون سياراتهم على الطرق السريعة إذ يحذرون من احتمال انتقال السيارات من مسارات أخرى دون انتباه فتحل بهم الحوادث، وعلى الرغم من أن تطور التقنيات يجب أن يقلل تلك المخاطر، إلا أن التوجه نحو تطوير المركبات ذاتية القيادة أجج النقاشات بشأن تأثيرها على أمان الطرق، لكن هذا يطرح تساؤلًا آخر، خاصة إن كان الحديث يدور عن المستقبل، فهل يجب الاعتماد في تحقيق السلامة على الطرقات على قدرات المركبات فحسب، أم يجب أن تتطور الطرقات ذاتها لتصبح أذكى؟
وبحسب موقع "مرصد المستقبل" الإماراتي فمن الطبيعي أن نجد إجابة عن أسئلة كهذه لدى الدول الرائدة في العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها في هذا المجال تعاني من أزمات عديدة بسبب طرقها المتهالكة التي منحتها الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين تقييمًا من الدرجة الرابعة في العام 2017، ويبدو أن شعلة الريادة تلتهب في مكان آخر، إذ دشنت الصين خطة ضخمة للبنية التحتية تسمى مبادرة الحزام والطريق وتشمل إنشاء طرق سريعة لتعزيز حركة التجارة. وسنعرض في بقية هذه المقالة الطرق السريعة المستقبلية التي تنوي تطويرها وتأثير التقنية عليها.
وتتبنى المدن العالمية حاليًا مبادرات لتحويل طرقها السريعة إلى طرق ذكية، فمثلًا أعلنت دبي فى العام 2018 عن خططها لاستثمار 161 مليون دولار لتطوير أنظمة مرور ذكية، وشملت المبادرة خمسة محاور تركز على إرسال الرسائل والتحذيرات المرورية ومراقبة حركة المرور والتحكم فى البيانات، وترتبط هذه الأنظمة معًا بكبلات من الألياف الضوئية يزيد طولها عن 450 كيلومترًا.
ويتوقع أن تستخدم تقنيات أخرى في تطوير الطرق السريعة الذكية، مثل توليد الطاقة باستخدام الألواح الشمسية المركبة على الطرقات، واستخدام السيارات ذاتية القيادة مع نظم المراقبة والحساسات.
وستمد الصين آلاف الكيلومترات من الطرق الجديدة في إطار مبادرة الحزام والطريق، ما يمثل فرصة كبيرة لتطوير الطرق الذكية، وتعمل الشركات الصينية على تطوير الطرق المزودة بالألواح الشمسية التي توفر مزايا عديدة مثل توفير مصدر مستقل للطاقة لإنارة الطريق وإشاراته ولإعادة شحن السيارات الكهربائية التي تسير عليه.
وتلعب الطرق السريعة الذكية دورًا فعالًا في ضمان سلامة المركبات ذاتية القيادة التي تسير عليه. إذ تنتشر فيها الحساسات التي تتصل بالسيارات لتصبح بيئة الطريق أكثر أمانًا. وما زالت هذه البيئات في نطاق الآمال، خاصةً بعد الحوادث التي وقعت للمركبات ذاتية القيادة. وتخضع بعض الحساسات للاختبار حاليًا، مثل الحارات المضيئة والطلاء الذي يتغير لونه كى ينبه السائقين للتغيرات في الظروف الجوية.
وكلما أصبحت الطرق السريعة والسيارات أذكى، تزداد فرص جمع البيانات، فتستطيع المدن قياس مستويات التلوث بدقة واستقبال التنبيهات المرتبطة بالحالة المرورية والحوادث لحظيًا، وستساعد زيادة قدرات الحوسبة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في زيادة أمان الطرق وكمية المعلومات التي نجمعها منها وجعلها مستدامة ومراعية للبيئة.
وتختبر الصين حاليًا مزايا الطرق السريعة الذكية، إذ تشيد حاليًا طريقًا سريعًا ذكيًا بين مدينتي هانجتشو ونينجبو، وتسعى لاستكمالها بحلول العام 2022.