ابتكر باحثون من جامعة كارنيجي ميلون مادة تَجبر ذاتها بذاتها متى انقطعت، فتستعيد شكلها ووظيفتها –أو حتى تكتسب قدرة جديدة– بمجرد وضع طرفَيها المفصولين جنبًا إلى جنب؛ وهذا طبعًا يفتح الباب لتطبيقات كثيرة كانت قبل ذلك مقصورة على صفحات الخيال العلمي.
وأشار محمد إسلام، أستاذ قسم الهندسة وعلم المواد الذي شارك في الإشراف على البحث، إلى أن فكرة المواد ذاتية الجبر ليست جديدة، وأنها تعتمد غالبًا على انسياب كواشف كيميائية تَخرج بعد انقطاع المادة مثلًا فتُصلحها، بحسب موقع مرصد المستقبل التقني.
وأما المادة الجديدة فنتاج جمع مادتين: بوليمر ذاتي الجبر يُدعى بوليبروسيلوكسين، ومادة موصِّلة كهربائيًّا تُدعى الأنابيب النانوية الكربونية المتعددة الجدران؛ وهذا الابتكار لا يعتمد على الانسياب كغيره، وإنما يجبر ذاته وهو على حاله.
ولهذا تطبيقات عديدة، فيتسنى صنع أجهزة قابلة للتركيب والتعديل، أو صفائح نموذجية متماثلة قابلة للتقطيع والتشكيل حسب الحاجة؛ ومما عمِله الباحثون: وحدة تحكم حساسة لِلّمْس، إذا ضُمت إليها وحدة أخرى مماثلة، التأمتا وكوَّنتا لوحة تحكم أكبر، قابلة هي أيضًا للتجزئة أو الضم إلى لوحة أخرى، وهلمّ جرًّا.
ويتسنى أيضًا أن يُصنع بها مشغِّل ميكانيكي هوائي ينحني في اتجاه واحد، ثم قطعه من منتصفه، وإعادة لأمه بعد لفّه 180 درجة، فينحني كما الحرف S.
لكن محمد نوّه بمحدودية هذه المادة، فهي قابلة لإعادة التشكيل، لكن يتعذر استخدامها في الدارات الكهربائية؛ مع أنه نوّه أيضًا بإمكانية تجهيزها بدوائر إضافية زائدة، لمضاعفة قابليتها للتخصيص والتعديل، وأن فريقه عاكف حاليًّا على توظيفها في تطبيقات قائمة على التشغيل والتجميع الذاتيَّين.
وأشاد باعتماد البحث على باحثين خبراء بتخصصات عدة، لأن بهذا التعاون يتسنى تحقيق أشياء كان يتعذر بلوغها بالجهود الفردية.
وضرب كويا نارومي، طالب الدكتوراه في جامعة طوكيو وأحد مؤلفي الدراسة، مثالًا بإمكانية صنع قالب ذراعي يشكّل ذاته حول أي ذراع مكسورة لتلتئم بصورة سليمة، ويعدل ذاته حولها لتسريع شفائها؛ وقال إن الجبر الذاتي مفهوم يفتح الباب على مصراعيه لخيال فريقنا.