ستهبط مركبة برسفيرنس الجوالة التابعة لناسا على سطح المريخ، إن سارت الأمور وفقًا للمخطط خلال الأشهر الستة القادمة، حاملة معها حمولة قد تغير استكشاف الفضاء إلى الأبد، وستقلب ذراع مزودة بنابض طائرة إنجنويتى المروحية، والتى يبلغ وزنها أقل من 2 كجم، من حجرة متواضعة تحت درع حطام المركبة الجوالة، بطريقة أفلام جيمس بوند، وعندما تنطلق المروحية، ستخرج ساقَى هبوط مزودتين بنوابض، وتطلق شحنة نارية لتخرج ساقين أخريين.
وستصبح بعدها مروحية إنجنويتى مستقلة، مرتبطة بمركبة برسفيرنس بالاتصالات اللاسلكية فحسب، وإن نجحت المروحية الصغيرة بالطيران، فستكون لحظة فاصلة فى تاريخ استكشاف الكواكب.
وستكون هذه المرة الأولى التى تحلق فيها طائرة من صنع البشر خارج الأرض، وقد تمهد لمهمات مستقبلية تحلق فيها فوق مناطق غير مستكشفة، بدلًا من الزحف عليها كالحشرات.
وقال جوش رافيتش، المهندس الميكانيكى فى مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، والذى شارك فى تطوير إنجنويتى، لمرصد المستقبل: "تمنحنا المروحية مرونة فى التنقل فى مختلف الأماكن، ومنها الخنادق والوديان، وربما الجبال، والتى لا تستطيع المركبات الجوالة استكشافها."
وانتشر هذا الحماس ضمن شبكة ناسا الواسعة من الداعمين والخريجين والمقاولين، وقال مايك هيرشبيرج، المدير التنفيذى لمنظمة فرتيكال فلايت سوسايتى غير الربحية، إن كادرًا من المهتمين بالفضاء كانوا متحمسين لإجراء تجارب طيران خارج الأرض منذ عقود.
وقال هيرشبيرج، والذى عمل سابقًا مع ناسا وداربا: "لطالما توقعت استكشاف المريخ بالطائرات يومًا. وكانت مفاجأة لطيفة أن نسمع بأن ناسا اختارت هذه المروحية".
وستواجه هذه البعثة تحديات كبيرة، إذ تبلغ كثافة الغلاف الجوى للمريخ 1% من كثافة الغلاف الجوى للأرض فحسب، وله جاذبية أقل بصورة ملحوظة أيضًا. وتجعل هذه الاختلافات محاكاة الظروف التى ستواجهها المروحية على المريخ بصورة دقيقة جدًا عملية مستح
ويأمل رافيتش ومعاونوه أن تحلق إنجنويتى فوق سطح المريخ، لكنهم يدركون تمامًا أنها قد تفشل. وستكون مركبة برسفيرنس الأولوية الأساسية.
وقال رافيتش: "أرى أننا فعلنا الكثير، ونحن واثقون من عملنا، لكنها مهمة عرض تقنى، ولذا تقبلنا خوض مخاطرة أعلى قليلًا".
وهذا المشروع نتيجة عقود من البحث والنكسات، وقال رافيتش إنها مهمة تحدث مرة واحدة فى العمر.
وبدأت الفكرة منذ العام 1999 على الأقل، عندما فاز فريق من طلاب هندسة الطيران فى جامعة ماريلاند بجائزة عن تصميم طائرة مارف، المركبة المريخية ذاتية القيادة ذات الأجنحة الدوارة، وهو تصميم يُشبه مروحية إنجنويتى المتوجهة إلى المريخ إلى حد كبير، ولها شفرتان متحدتا المحور ترفعان جسم الطائرة المربع.
وتحدث هيرشبيرج عن إنجاز من العام 2002، حين حلقت شركة أورورا فلاير ساينسز بطائرة مارس فلاير، وهى طائرة شراعية مصممة لالتقاط صور لسطح المريخ، على ارتفاع 30 كيلومترًا فوق ساحل أوريجون بعد إسقاطها من منطاد مرتفع، وأمضت 90 دقيقة فى مسار مبرمج مسبقًا، وهبطت دون أى ضرر فى المطار الذى انطلقت منه.
وعلى الرغم من براعة هذه الطائرة فى الطيران، ليس لدى الطائرات الشراعية سوى فرصة واحدة للتحليق فوق سطح المريخ؛ تقلع الطائرات وتهبط أكثر من مرة، لكن افتقار المريخ للبنية التحتية يصعّب إمكانية استخدام هذه الطائرات.
وقال هيرشبيرج بضحكة خافتة: "لا توجد أى مدارج على المريخ. لذا رأينا أن الإقلاع العمودى قد يكون خيارنا الوحيد".
وبدأ المهندسون فى العام 2014 بإثبات إمكانية عمل نموذج طائرة طولها 15 سم فى مختبر الدفع النفاث، للتأكد من إمكانية الإقلاع عن الأرض فى الغلاف الجوى للمريخ.
لكن عندما حاولوا جعلها تطير فى غرفة مصممة لمحاكاة الظروف القاسية للمريخ، بغلاف جوى رقيق وحبل لمحاكاة الجاذبية المنخفضة للمريخ، لم تسر الأمور كما أرادوا.