حازت تقنية الذكاء الاصطناعى التابعة لشركة شارك فى تأسيسها الملياردير إيلون ماسك على الثناء لقدرتها على تأليف قصص مترابطة وروايات وحتى برامج أجهزة الكمبيوتر، لكنها ظلت غير قادرة عن التمييز القائم على العنصرية أو النوع، إذ يستطيع جى بى تى 3، وهو أحدث نموذج للغة الذكاء الاصطناعى لشركة أوبن إيه أى فى كاليفورنيا إجراء حوار بين شخصين بنجاح، ومتابعة سلسلة من الأسئلة والأجوبة أو كتابة قصيدة على غرار شكسبير.
مثلاً إذا بدأت جملة أو نصًا ما سيكملها لك، ويستند النموذج على الكم الهائل من المعلومات التى تغذيه، ومثل هذه الخواص ستكون مفيدة لخدمة العملاء أو عندما يحتاج المحامون إلى تلخيص أو إنهاء مرافعة قانونية أو للمؤلفين الذين ينتظرون الإلهام.
وبالرغم من أن هذه التقنية ليست جديدة ولم تتعلم بعد التفكير مثل العقل البشرى، فإن أحدث عروض أوبن إيه آى تلقت الثناء على الطريقة التى تحاكى بها نصوصها الكتابة البشرية.
وقال بروس ديلاترى متخصص الذكاء الاصطناعى فى وكالة استشارات البيانات أرتيفاكت: "يستطيع النموذج توليد جمل طبيعية جدًا ومقبولة".
وأضاف: "من المثير للإعجاب أن نرى مدى قدرة النموذج على ملاءمة الأنماط الأدبية، حتى لو كان هناك تكرار".ويستطيع جى بى تى 3 أيضًا إيجاد استجابات دقيقة للمشكلات، مثل أن يذكر نوع مرض معين من وصف الأعراض.
ويمكن للنموذج المبتكر أن يحل بعض المشكلات الرياضية، أو التعبير عن نفسه بعدة لغات، أو إنشاء رموز أجهزة الكمبيوتر للمهام البسيطة التى يتعين على المطورين إنجازها ويمكنه تنفيذ ذلك بدلاً عنهم.
وقال ديلاترى لوكالة فرانس برس إن كل شيء يعمل بفضل تطوير الانتظام الإحصائى الذى يعلم النموذج أن كلمة أو تعبير معين من المرجح أن يتبع كلمة أخرى.
وقال أمين بنهنى، المدير العلمى فى شركة داتاسواتى للبحث والتطوير فى مجال الذكاء الاصطناعى، إن الاختلاف الكبير مقارنة بالأنظمة الأخرى يرجع إلى حجم النموذج، حيث يغذى جى بى تى 3 بمحتوى يصل إلى المليارات من صفحات ويب المتوفرة مجانًا عبر الإنترنت وجميع أنواع الأعمال المكتوبة.
ولإعطاء فكرة عن حجم المشروع، فالمحتوى الكامل لموسوعة ويكيبيديا على الإنترنت يمثل ثلاثة بالمائة فقط من مجمل المعلومات التى غذى بها، ولذلك فهو لا يحتاج إلى إعادة تدريبه لأداء المهام مثل النماذج السابقة عند تقديم موضوع جديد فى مجالات الطب أو القانون أو الإعلام.
فعند إعطائه عددًا قليلاً من الأمثلة لمهمة، مثل إكمال جملة معنية، يتمكن من إكمال أى جملة بغض النظر عن الموضوع.
وغردت شريا شانكار عالمة الكمبيوتر المتخصصة فى الذكاء الاصطناعى على تويتر بعد استخدام جى بى تى 3: "النظام قوى إلى درجة مذهلة إذا كنت تعرف كيفية تؤهل النموذج جيدًا."
سيغير هذا النموذج عملية تعلم الآلة وعلى الرغم من الضجة حوله فإن جى بى تى 3 يحتل المرتبة العاشرة فقط فى معيار سوبر جلوو الذى يقيس فهم اللغة للخوارزميات، وذلك لأن بعض المستخدمين أفادوا أنه عند طرح أسئلة سخيفة، فإن النموذج يستجيب بإجابات ليس لها معنى.
فمثلاً سأل المطور كيفين لاكر: "كم عدد العيون التى تمتلكها الشمس؟"، فكانت إجابة النموذج: "الشمس لها عين واحدة".
ويقول كلود دو لوبى، المؤسس المشارك لشركة سيلابيس الفرنسية الناشئة المتخصصة فى إنشاء النصوص الآلية، إن النظام يفتقر إلى البراغماتية.وهى مشكلة رئيسة أخرى لأن النموذج يكرر دون تفكير أى صور نمطية أو خطاب كراهية تلقاها خلال فترة التغذية والتدريب، ويمكن أن يصبح عنصريًا أو متحيزًا عند التعبير.ولذلك شعر الخبراء الذين قابلتهم وكالة فرانس برس أن جى بى تى 3 ليس موثوقًا به إلى درجة كافية لأى قطاع يحتاج إلى الاعتماد على الآلات، مثل الصحافة الآلية أو خدمات العملاء،ولكن يمكنه أن يكون مفيدًا، مثل النماذج الأخرى المماثلة عند كتابة مراجعات مزيفة أو حتى إنتاج قصص إخبارية ضخمة لحملات التضليل الإعلامي.
ونظرًا للقلق بشأن التطبيقات الضارة التقنية، اختارت شركة أوبن إيه أى، التى شارك ماسك فى تأسيسها فى العام 2015 ، التى تركها منذ ذلك الحين والتى تمولها شركة مايكروسوفت وغيرها، عدم إطلاق الإصدار السابق من النموذج جى بى تى 2 فى فبراير 2019.
وأصبحت شركة أوبن إيه أى التى كانت فى الأصل غير هادفة للربح، شركة ذات أرباح محدودة أى أن المستثمرين فيها يحصلون على عائد محدود، وفى يونيو، غيرت الشركة مسارها وأتاحت نموذج جى بى تى 3 للاستخدام التجارى ما سمح باستقبال آراء المستخدمين.
وقال كلود دى لوبى يمكن لهذه الخطوة أن تحقق أرباحًا كبيرة، فليس لدينا أى شك فى أن كم النصوص التى كتبت بواسطة الذكاء الاصطناعى على وشك أن تغمر الإنترنت.