مرت وكالة ناسا بعدة مراحل في تاريخها الخاص باستكشاف الفضاء، وارتبطت هذه المراحل بالفترات الرئاسية المختلفة ومدى اهتمام كل إدارة رئاسية بالفضاء وتوفير التمويل المناسب للوكالة، والمساعدة في الوصول لأهداف قومية تنهض بها الدولة في مجال الفضاء، وسنتحدث في أولى حلقات سلسلة "ناسا والرؤساء" عن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب" لما له من دور مهم في وقت حرج جدا في تاريخ الاستشكاف الفضائى لوكالة ناسا.
وفقا للموقع الرسمي للوكالة، فإنه عندما تولى جورج بوش منصبه في يناير 1989، كان هناك شعور واسع النطاق في مجتمع الفضاء بأن وكالة ناسا بحاجة إلى هدف جديد مليء بالتحديات لاستكمال تعافيها من حادث تشالنجر ووضعها على مسار إيجابي للمستقبل، والذى كان أبشع حادث فضائي وقع في تاريخ اكتشاف الفضاء راح ضحيته 7 أفراد.
ووافق بوش على هذا الهدف وطلب من نائبه دان كويل، إعداد مبادرة فضائية جديدة كبرى، حيث أعلن بوش ما أصبح يعرف باسم مبادرة استكشاف الفضاء في خطاب ألقاه في 20 يوليو 1989، الذكرى العشرين لهبوط أبولو 11.
ودعا إلى التزام طويل المدى ومستمر، أولاً، في العقد القادم في التسعينيات من حيث حرية محطة الفضاء، وبعد ذلك للقرن الجديد: العودة إلى القمر؛ وهذه المرة العودة للبقاء، ثم رحلة إلى كوكب آخر: مهمة مأهولة إلى المريخ.
وقال بوش: "لماذا القمر؟ لماذا المريخ؟ لأنه قدر الإنسانية أن تسعى وتسعى وتجد.. ولأن قدر أمريكا أن تقود.. بداية من رحلات كولومبوس إلى طريق أوريجون.. إلى الرحلة إلى القمر نفسه".
وأمضت إدارة بوش معظم وقتها المتبقي في المنصب في محاولة لإيجاد طريقة للحصول على اقتراح استكشاف الفضاء هذا الذي وافقت عليه الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس وعامة الناس، حتى أن البعض في قيادة ناسا كانوا متشككين في إضافة برنامج للعودة إلى القمر لمهام ناسا الحالية المتمثلة في تحليق مكوك الفضاء وتطوير محطة فضائية.
وكلف البيت الأبيض في عام 1990 بإجراء تقييم شامل ناسا برئاسة نورمان أوغسطين التنفيذي في صناعة الطيران، وخلصت إلى أن "ناسا عليها ضغط فيما يتعلق بالتزامات البرنامج المتعلقة بالموارد المتاحة، وباختصار تحاول فعل الكثير بالنسبة لمواردها".
واقترحت إدارة بوش زيادات كبيرة في الميزانية لوكالة ناسا ردًا على هذه الملاحظة، ومع ذلك، كان بوش مقتنعًا بأن ناسا لن تتغير للأفضل في ظل إدارتها الحالية، وفي أوائل عام 1992، استبدل مدير ناسا ريتشارد ترولى بدانيال جولدن، الذي قضى معظم حياته المهنية في العمل في برامج الأمن القومي الفضائية، وتعهد بجلب نهج أسرع وأفضل وأرخص لبرامج ناسا.