أكد الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة، ضرورة العمل على "أنسنة" التكنولوجيا حتى تكون مفيدة للإنسان وليست ضارة له أو به.
وقال مغيث – في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن المقصود بعملية "أنسنة" التكنولوجيا هي أن يسيطر الإنسان على تلك التكنولوجيا لا تسيطر هي عليه ويعني أيضا اختيار مجال العلوم والأبحاث العلمية ولا يترك الأمر لرغبات ربما قد تكون زائفة.
وأضاف أن التكنولوجيا الحديثة شيء مبهر والناس عادة ما تتحمس له والصحف عندما تتناول التقدم التكنولوجي تتحدث بنوع من الفخر والثقة في عقل وقدرات الإنسان وأنه قادر على فعل العجائب لكن هذا ليس بالضرورة أن يكون شيء حسن للإنسان من الممكن أن تتحول إلى ضرر له.
وأوضح مغيث، أن الناس درجوا على ما يسمى بالتكنولوجيا المفيدة مثل المصاعد الكهربائية والروافع التي تستخدم في الرفع والبناء فيما تكون التكنولوجيا الضارة مثل الأسلحة النووية والغواصات.
واعتبر أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة، أن الجانب الضار في التكنولوجيا أنها تتحكم في الانسان فمثلا عندما يكون لديك ورشة يدوية لصناعة ما فهذا أمر طبيعي أما أن تتحول إلى ماكينات فإننا هنا نعيد صياغة العلاقة بين البشر مجددا، مشيرا إلى أنه مجرد أن ننتقل من العمل اليدوي للعمل الآلي فقد تمت إعادة صياغة العالم من جديد.
وتابع قائلا: "فمثلا لو أردنا إنشاء مفاعل ذري فإن هناك إجراءات وتدابير ينبغي اتخاذها في حين لو أردنا استخدام الطاقة الشمسية فلن نحتاج إلا إلى ألواح شمسية ولن نحتاج إلى هذا النظام المعقد الذي تفرضه مثل هذه المفاعلات".
وقال مغيث: "نريد تكنولوجيا يسيطر عليها الإنسان لا تسيطر هي على الإنسان فهذه هي أنسنة التكنولوجيا أي تكنولوجيا يتحكم فيها الإنسان ولا تتحكم هي في الإنسان".
وأوضح أن كل الكائنات الحية لديها خطط وحيل لتدبير أمورها للحياة في وسطها الطبيعي ولكن الإنسان هو الكائن الوحيد من بينها الذي يمتلك التكنولوجيا .. وغاية الإنسان من التكنيك ليست ثابتة بل تتغير بتطور الحياة البشرية ذاتها.
وذكر أن الإنسان يمتلك كل مهارات الأنواع الحية الأخرى وفي الوقت نفسه يحافظ على تكوينه البيولوجي وهذه هى مرحلة الأدوات.
وقال إنه مع الثورة الصناعية واكتشاف الطاقة البخارية دخل التكنيك فى مرحلة أكثر ازدهارا وتأثيرا، فالقطارات والسيارات والطائرات وماكينات المصانع والروافع الميكانيكية والمصاعد الكهربائية كلها ظهرت فى عصر الثورة الصناعية.
وأوضح أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة، أن الثورة التكنولوجية قوبلت في البداية بترحيب وحماس بالغين، واقترنت بها ثقة مفرطة في العقل الإنساني واطمئنان إلى التقدم العلمي، وحملت هذه الطفرة معها التفاؤل بقدرة الإنسان على أن يجد دائما فى التكنولوجيا حلا لمشكلاته.
وأردف الدكتور أنور مغيث، قائلا: "التكنولوجيا التي تتعامل مع الطبيعة على أنها مستودع مخصص للبشر وحدهم، أسرفت في استنفاد موارد الطبيعة وتلوث الماء والهواء مما زاد من قلقنا بشأن الأجيال المقبلة".