عندما ضرب وباء كورونا العالم، انقلبت حياة الأغلبية الساحقة رأساً على عقب، واضطر الملايين للبقاء في المنزل، وتحويل العمل والهوايات إلى شبكة الإنترنت، وتم استبدال اجتماعات المكاتب، وفصول الدراسة بمكالمات الفيديو، وزادت معدلات استهلاك مواد الترفيه وألعاب الأونلاين والتسوق الإلكتروني، وكانت النتيجة المحتومة هي ازدحام واختناق شبكات «واي فاي» المنزلية التي تحولت إلى صداع دائم ومستمر لجميع المستخدمين.
ولكن الحل لهذه الأزمة ظهر في الأفق مع جيل جديد من شبكات الواي فاىيحمل اسم Wi-Fi 6 يتميز بالتعامل مع سرعات أعلى ومساحة تغطية أوسع.
ولكن أهم نقطة هي تحسن أداء الشبكة اللاسلكية في مشاركة البيانات وتوزيعها بكفاءة عبر عدد كبير من الأجهزة مثل الهواتف، والتابلت، وأجهزة الكمبيوتر وحتى أجهزة التلفزيون الذكية.
ظهرت شبكات Wi-Fi6 للمرة الأولى عام 2018، ولكنها وصلت للاستخدام الجماهيري هذا العام فقط، عندما أصبحت كلفتها مقبولة، مع توافر أجهزة التشغيل بأسعار في حدود 70 دولاراً، وإتاحتها على المستوى الأوسع مع شركات تزويد خدمات الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك تتضمن العديد من أجهزة الهاتف المحمول الذكية، وأجهزة الكمبيوتر الحديثة شرائح متطورة تساعد على الاستفادة من تلك التقنية.
وعلى الرغم من أن سرعة Wi Fi 6 الافتراضية هي 3 أضعاف سرعة الجيل الأقدم، إلا أن المسألة لا تتعلق فقط بالسرعة، حيث تقدم هذه الشبكة بعض التقنيات الجديدة للمساعدة في مشكلات اختناق الشبكة، حيث تستطيع أجهزة التوجيه «الراوتر» الاتصال بعدد أكبر من الأجهزة، كما يمكن للراوتر أن يرسل البيانات إلى أجهزة متعددة من خلال البث نفسه، بالإضافة إلى جدولة عمليات تسجيل الوصول، وهي العناصر التي بمقدورها أن تحافظ على قوة الاتصالات حتى مع زيادة طلب الأجهزة المختلفة للبيانات.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك هذه الشبكات ميزة إضافية، وهي بروتوكولات التأمين والحماية الأكثر تطوراً، والتي تجعل من الصعب للغاية على المخترقين أن يتسللوا إليها، وذلك بالمقارنة مع أجيال الشبكات الأقدم.
كيف تعمل هذه التكنولوجيا بالضبط؟
تخيل مجموعة من السيارات تتحرك على الطريق، في الوضع التقليدي تتحرك هذه السيارات -التي تمثل الأجهزة الناقلة للبيانات- في مسار واحد. والجهاز الإلكتروني الذي يستغرق وقتاً طويلاً لإكمال مهمة تحميل البيانات الثقيلة يشبه الحركة البطيئة للسيارة على الطريق الضيق والتي تجبر كل السيارات خلفه على استخدام المكابح.
ولكن الشبكات الجديدة تقلل الازدحام عن طريق إعادة توجيه حركة المرور، حيث يوجد الآن العديد من الممرات، الممر السريع الذي تتعامل من خلاله الأجهزة الأحدث والأسرع، والممر البطيء للأجهزة الأقدم والأبطأ، ولعل التأثير الواضح لجودة الشبكة اللاسلكية الجديدة يظهر في الأماكن التي يتم فيها تشغيل عدد كبير من الأجهزة في وقت واحد، ورغم ذلك فإن المستخدم العادي سيلاحظ الفارق أيضاً، خاصة أن المنازل المتوسطة الآن تمتلك ما يقرب من 10 أجهزة متصلة بالإنترنت في المتوسط.
ويرى الخبراء، أن استخدام هذا النوع المتطور من الشبكات هو استثمار مطلوب على المدى الطويل، فكلما زاد استخدام عدد الأجهزة المنزلية المرتبطة بالإنترنت، زادت الاختناقات وبرزت الحاجة إلى حلول، وهو الأمر الذي يعلق عليه ميلكوتي بالقول: «الأمر سيحتاج إلى بعض الوقت، ولكن التحسن سيكون ملحوظاً».