كشف العلماء عن جزء جديد من وصفة الحياة المعقدة على الكواكب، يتضمن بداية إنشاء مصنع للأسمدة الميكروبية في قاع البحر منذ ما يقارب 2.6 مليار سنة، حيث حدث أول ارتفاع كبير في مستويات الأكسجين على الأرض منذ ما يقارب 2.4 إلى 2.2 مليار سنة، خلال المرحلة المبكرة من حدث الأكسجين العظيم (GOE).
وهذا الحدث الذى يسمى أيضا بالأكسجة العظيمة، عبارة عن الفترة الزمنية التي شهد فيها الغلاف الجوي للأرض والمحيط الضحل، ارتفاعا في الأكسجين للمرة الأولى خلال حقبة الطلائع الأولى.
ووفقا لما ذكره موقع "RT"، ما يزال العلماء غير متأكدين من سبب وكيفية وقوع حدث الأكسجين العظيم.
ويعتقد البعض أنه بدأ بسبب ارتفاع مستويات الفوسفور في المحيط، ما أدى إلى عملية التمثيل الضوئي وزيادة إنتاج الأكسجين، بينما يعتقد آخرون أنه قد يكون مرتبطا بانخفاض إطلاق الغازات التفاعلية من البراكين، والتي تستهلك كمية أقل من الأكسجين الذي يتم إنتاجه.
واستخدم فريق من العلماء الدوليين، بقيادة جامعة ليدز، تقنية جديدة لقياس دوران الفوسفور بين المحيط وقاع البحر في صخور عمرها 2.6 مليار عام من جنوب إفريقيا، ما أدى إلى حدث الأكسجين العظيم.
وتظهر القياسات المختبرية من هذه الصخور أن عملية إعادة تدوير الفوسفور مرة أخرى في مياه البحر تغذي بكتيريا التمثيل الضوئي، ما أدى إلى زيادة مستويات الأكسجين.
وخلصت دراستهم، التي نُشرت في مجلة Nature Geoscience، إلى أن إنشاء "مصنع الأسمدة في قاع البحر" كان شرطا مسبقا لارتفاع مستويات الأكسجين على الأرض، ويمكن أن يكون عاملا مهما في قدرة الكواكب الأخرى على دعم الحياة المعقدة.
وقاد البحث لويس ألكوت، من جامعة ييل في الولايات المتحدة حاليا، أثناء حصوله على درجة الدكتوراه في مدرسة الأرض والبيئة في ليدز. وقال: "قد تكون هذه العملية أساسية لكوكب أن يصبح مؤكسجا وبالتالي قادرا في النهاية على استضافة حياة معقدة. وفك تشابك الوصفة التي تؤدي إلى بيئة غنية بالأكسجين يمكن أن يساعدنا في تقييم إمكانية وقوع أحداث مماثلة على كواكب أخرى".
ويقول كبير مؤلفي الدراسة، البروفيسور سيمون بولتون من كلية الأرض والبيئة في ليدز، إن "الجزء الرئيسي من هذه الوصفة هو توفر الكبريتات، حيث إنها عنصر مهم في عملية إعادة التدوير. لذا، يمكن لوفرة الكبريت أن تكون أيضا مطلبا مهما لعالم مليء بالأكسجين".
وكان صعود الأكسجين في الغلاف الجوي خلال حدث الأكسجين العظيم منذ نحو 2.4 مليار سنة تحولا محددا في تطور الدورات الكيميائية الجيوكيميائية العالمية والحياة على الأرض.
ومع ذلك، أظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث أن البكتيريا الزرقاء بدأت في إنتاج الأكسجين قبل عدة مئات من ملايين السنين من حدث الأكسجين العظيم.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور أندريه بيكر، من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد: "أدى هذا الإنتاج الأولي للأكسجين إلى زيادة كبريتات مياه البحر، ونتج عن هذا بدء عملية إعادة التدوير، ما سمح لمعدلات إنتاج الأكسجين بالزيادة بما يكفي لتزويد الغلاف الجوي بالأكسجين".
ويوضح المشرف والمؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور ميلز من كلية الأرض والبيئة: "هذه الدراسة لا تعزز فهمنا لتاريخ كوكبنا فحسب، بل تساعدنا أيضا على فهم عملياته الحالية".
وتابع: "هناك قلق من أن عملية إعادة تدوير الفوسفور نفسها ساهمت في أحداث نقص الأكسجين في المحيطات الخطرة، لأنه على الرغم من أنها تزود الغلاف الجوي بالأكسجين، فإنها في الواقع تزيل الأكسجين من المحيط عندما تتحلل ميكروبات التمثيل الضوئي".
وأشار: "لقد بدأ القيام بذلك الآن كجزء من تغير المناخ. وبسبب مزيج من درجات الحرارة المرتفعة وزيادة استخدام الفوسفور كسماد زراعي، فإن مستويات الأكسجين في المحيطات آخذة في الانخفاض".