يواجه مدراء تقنية المعلومات في مؤسسات القطاعات الحكومية عددا من العقبات في سعيهم نحو توسيع نطاق الحلول التقنية، لكن العديد من أبرز هذه التحديات ليس تقنيا. ويبدو أن اتخاذ إجراءات مباشرة للتعامل مع هذه القضايا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعمليات التحوّل الرقمي في القطاع الحكومي، سواء كان ذلك عبر إزالة الحواجز الداخلية بين أقسام المؤسسة أو محاولة سدّ النقص الحاصل في الموارد والكفاءات التقنية.
يقول دين لاتشيكا، كبير المحللين لدى "جارتنر":" إذا ما لم تتم معالجة هذه التحديات، فإن برامج الحكومة الرقمية تبقى معرّضة لخسارة التمويل المستدام، وبالطبع قدرة المؤسسة على الاستفادة من المزايا المنتظرة من هذه الحلول الرقمية".
التحدي الأول: كسر حواجز الاتصال الداخلية في المؤسسات
اعتبر واحد وخمسون بالمائة من المشاركين في الاستبيان أن استراتيجيات العمل المستقل والانفراد في اتخاذ القرارات أولوية قصوى. فحواجز الاتصال الداخلية في هذه المؤسسات تبقى مصدر قلق دائم، نظرا لتأثير ذلك الملموس على مختلف مراحل عمليات التحوّل الرقمي الناجح، بداية من الاستراتيجية، إلى التمويل، ومن ثم التنفيذ. هذه الحواجز تنتشر بين مختلف إدارات المؤسسات الحكومية، وقطاعات الأعمال وأقسامها، وكلا منها يتطلب تدخلا مختلفا.
التحدّي الثاني: ثقافة تجنّب المخاطر
تنتشر ثقافة مقاومة التغيير بشكل كبير في أوساط العاملين في الخطوط الأمامية وتوفير الخدمات، وهي أوساط عمل تميل إلى تجنّب المخاطر إذ لا ترى فائدة من إجراء أية تغييرات على طريقة العمل وممارساتهم التي يعتبرونها صحيحة وناجحة.
في بيئة مثل هذه يواجه مدراء تقنية المعلومات تحدّيات كبيرة سيما لدى إشرافهم على عمليات التحوّل الرقمي المدفوعة بالتطورات التقنية. وللنجاح في ذلك، يجب ربط برامج التحوّل الرقمي هذه بمخرجات الأعمال وجعل التغييرات التنظيمية بمثابة العنصر الأساسي في هذه البرامج.
التحدّي الثالث: التمويل غير الكافي
غالبا ما يكون ضعف التمويل علامة على وجود حواجز داخلية تتسبب في الاستراتيجيات المنعزلة والانفراد في اتخاذ القرار، إلا أنها قد تكون نتيجة لاعتبار الانفاق التقنية استثمارا تشغيليا وليس استراتيجيا.
ولتجاوز هذه العقبات، يجب تسليط الضوء على الارتباط الوثيق ما بين الاستثمار في التقنيات الرقمية ومخرجات الأعمال التي يمكن تحقيقها.
التحدّي الرابع: نقص الكفاءات الرقمية
إن عدم توفّر الكفاءات والتخصّصات اللازمة لمختلف أقسام المؤسسات يعدّ رباع أكثر التحديّات التي تعترض مسيرة مدراء تقنية المعلومات في القطاع الحكومي نحو التحوّل الرقمي.
كما أن التخصصات الأساسية في مجالات مثل تصاميم المشاريع، والأمن السيبراني، وحوسبة السّحاب، وتحليل البيانات وتجربة المستخدم، تلعب دورا أساسيا لنجاح برامج التحوّل الرقمي. في الوقت ذاته، فإن من الأهمية بمكان زيادة درجة الجاهزية للتغيير وذلك من خلال تطوير المهارات الرقمية على مستوى المؤسسة.
التحدّي الخامس: الافتقار لموارد الأعمال التقنية
اعتبر ثمانية وعشرون بالمائة من المشاركين في الاستبيان أن نقص الكفاءات التقنية يعدّ تحدياً رئيسياً، يحول دون إتمام عمليات التحوّل الرقمي في عدد من المجالات التقنية مثل خدمات المنصات، والأمن، ومساحات العمل الرقمي، وأتمتة تقنية المعلومات. كما أن صعوبة الوصول إلى الكفاءات في مجال تقنية المعلومات، الأعمال، والخبراء في المجال يعدّ نتيجة مباشرة لعدم التعاون في ترتيب الأولويات، واتخاذ القرارات الفردية، إضافة إلى تحديات تتعلق بثقافة الأعمال.
وفي الوقت الذي يعدّ فيه تدريب الموظفين على استخدام الخدمات الرقمية الذاتية والتقنيات المبسّطة أمرا مفيدا، فإن المهمة تتطلب أكثر من ذلك بكثير عندما يتعلق الأمر بتجهيزهم لبيئات عمل رقمية أكثر تعقيدا. كما أن التركيز على تطوير مهارات الفرق التقنية وسدّ فجوات التدريب الرقمية يمكن أن يؤثر إيجابيا على توفير هذه الكفاءات. ومع ذلك ونظرا لتسارع الاستثمارات الرقمية في مختلف الصناعات في مرحلة ما بعد الجائحة، فإن مدراء تقنية المعلومات بحاجة إلى مزيد من تضافر الجهود للتأكد من توفير الموارد اللازمة بصورة كافية لتنفيذ المبادرات المطلوبة في الوقت المناسب.