يعرف العلماء أن المريخ كان نشطا بركانيا منذ فترة طويلة، لكن دراسة حديثة أظهرت أنه قد يكون هناك صهارة تتدفق في أعماق المريخ حتى اليوم، انطلقت من بركان في الخمسين ألف عام الماضية حسبما نقلت RT.
وحلل فريق من العلماء الدوليين، بقيادة المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ (ETH Zurich)، مجموعة من أكثر من 20 هزة أرضية حديثة، ربما يكون بعضها ناتجا عن مصدر دافئ لا يمكن تفسيره إلا من خلال الحمم المنصهرة الحالية.
ومع وضع هذا في الاعتبار، نظرت المجموعة في صور الأقمار الصناعية للمنطقة ووجدت رواسب داكنة من الغبار تقع على عمق أكثر من 18 قدما تحت السطح تشير إلى منطقة بركانية.
وهذا الاكتشاف، إذا تم تأكيده، فإنه سيعيد كتابة تاريخ الكوكب الأحمر، والذي يشير إلى أن النشاط البركاني لم يكن موجودا منذ أربعة مليارات سنة على الأقل.
وقال سيمون ستاهلر، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، في بيان: "الظل الغامق للغبار يقدم دليلا جيولوجيا على نشاط بركاني حديث - ربما خلال الخمسين ألف سنة الماضية - صغير نسبيا، من الناحية الجيولوجية".
وكان الفريق يحقق في الزلازل في Cerberus Fossae، وهي سلسلة من الشقوق شبه المتوازية على سطح المريخ، والتي تشكلت بسبب صدوع تمزق القشرة، باستخدام مركبة "إنسايت" (InSight)، التابعة لوكالة ناسا، والتي وصلت إلى الكوكب الأحمر في نوفمبر 2018.
وتتمثل مهمتها في الكشف عن كيفية تشكل الجسم الصخري وتطوره ليصبح كوكبا من خلال التحقيق في البنية الداخلية للمريخ وتكوينه. وستحدد أيضا معدل النشاط التكتوني المريخي وتأثيرات النيازك.
واقترحت الأبحاث السابقة أن منطقة Cerberus Fossae كانت نشطة بركانيا خلال العشرة ملايين سنة الماضية، لكن الاكتشاف الجديد يمكن أن يعيد كتابة الجدول الزمني.
ووفقا لستاهلر: "من الممكن أن ما نراه هو آخر بقايا هذه المنطقة البركانية النشطة أو أن الصهارة تتحرك الآن شرقا إلى الموقع التالي للثوران".
وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature، إلى أن العلماء يعتقدون الآن أن "Cerberus Fossae يمثل بيئة تكتونية فريدة شكلتها عمليات الصهارة الحالية، وتدفق الحرارة المرتفع محليا".
وتقول آنا ميتلهولز، زميلة ما بعد الدكتوراه في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ وجامعة هارفارد: "في حين أن هناك الكثير لنتعلمه، فإن الدليل على وجود صهارة محتملة على المريخ أمر مثير للاهتمام".
ويأتي هذا الاكتشاف الرائد بعد بضعة أشهر فقط من اقتراح الجامعة الوطنية الأسترالية أن الزلازل ناتجة عن بحر من الصهارة في عباءة الكوكب الأحمر.
وحتى الآن، اكتشفت المئات من الزلازل المريخية، لكن هرفوجي تكاليتش من الجامعة الوطنية الأسترالية، وزميله الجيوفيزيائي ويجيا صن من الأكاديمية الصينية للعلوم، أرادا البحث عن الزلازل التي ربما مرت دون أن يلاحظها أحد في بيانات "إنسايت".
وباستخدام تقنيتين غير تقليديين، تم تطبيقهما مؤخرا، اكتشف الثنائي 47 حدثا زلزاليا جديدا قادما من منطقة Cerberus Fossae.
ويشبه معظمها الأشكال الموجية لاثنين من زلازل Cerberus Fossae، التي حدثت في مايو ويوليو 2019، ما يشير إلى أن الزلازل الأصغر مرتبطة بالزلازل الأكبر.
وأثناء بحثهم عن سبب الزلازل، اكتشف الفريق أنه لا يوجد نمط في توقيتها، ما يستبعد تأثير القمر المريخي "فوبوس".
وقال تكاليتش: "وجدنا أن زلازل المريخ هذه حدثت مرارا وتكرارا في جميع أوقات نهار المريخ، في حين أن زلازل المريخ، التي اكتشفتها وكالة ناسا وأبلغت عنها في الماضي، يبدو أنها حدثت فقط في أثناء الليل، عندما يكون الكوكب أكثر هدوءا".
لذلك، يمكننا أن نفترض أن حركة الصخور المنصهرة في عباءة المريخ هي الدافع وراء هذه الزلازل الـ 47 التي تم اكتشافها حديثا تحت منطقة Cerberus Fossae.