على مدى قرون من علم الفلك واستكشاف الفضاء، عثر العلماء على مئات الأقمار في نظامنا الشمسي، حتى أن المشتري، يملك عددا قياسيا بلغ 92 قمرا، متجاوزا زحل الذى يمتلك 83 قمرا مؤكدا.
ورغم أن العلماء وجدوا أن الكويكبات يمكنها أيضا أن تمتلك أقمارا صغيرة مصاحبة، إلا أن بعض كواكب النظام الشمسي تفتقر إلى هذا الشريك المصاحب، على غرار عطارد والزهرة،وفقا لتقرير RT.
وبالنسبة للأرض، فإن الأمر واضح للغاية في ما يتعلق بالقمر، حيث أننا لم نعرف سوى قمر طبيعي واحد للكوكب منذ آلاف السنين.
وربما كان لدينا المزيد من الأقمار في الماضي البعيد، وقد نلتقط المزيد في المستقبل، لكننا في الوقت الحالي ليس لدينا سوى قمر واحد.
وقال غابور هورفاث، عالم الفلك في جامعة لوراند أوتفوش في المجر، إن "القمر" يحمل عنوان القمر الوحيد الثابت والدائم للأرض. لكنه ليس الجسم الوحيد الذي يتم سحبه إلى مدار الأرض، حيث أن هناك مجموعة من الأجسام القريبة من الأرض وسحب الغبار عالقة أيضا في جاذبية الأرض. وهذه الأجسام المرافقة غالبا ما تكون مؤقتة ومؤهلة تقنيا على أنها أقمار صغيرة أو أشباه الأقمار أو أقمار طروادة.
لذا فإن السؤال عن عدد الأقمار التي تمتلكها الأرض أكثر تعقيدا مما نعتقد.
وبالعودة إلى الأيام الأولى للأرض، منذ نحو 4.5 مليار سنة، كان كوكبنا بلا قمر. وبعد ذلك، منذ نحو 4.4 مليار سنة، ضرب كوكب أولي بحجم المريخ يُدعى ثيا الأرض. ثم قذف قطعا كبيرة من قشرة الأرض في الفضاء.
واجتمع الحطام الصخري معا، ربما في غضون ساعات قليلة، لتكوين القمر، وفقا لبحث نُشر عام 2022 في مجلة The Astrophysical Journal Letters.
أما "الأقمار" الأخرى التي يبلغ عرضها بضعة أقدام فقد كانت مؤقتة بشكل كبير، حيث تم التقاطها بواسطة جاذبية الأرض لفترات قصيرة قبل الهروب مرة أخرى إلى الفضاء.
وفي عام 2006، كان هناك كويكب يصل عرضه إلى 20 قدما (6 أمتار)، يسمى 2006 RH120 ، وهو صخرة فضائية بقيت لمدة 18 شهرا في مدار حول الأرض، وكان أول رصد طويل المدى يلاحظ لكويكب في مدار الأرض.
وكان هناك أيضا 2020 CD3، الصخرة الفضائية التي يصل عرضها إلى 11.5 قدما (3.5 م)، والتي غادرت مدار الأرض في مارس 2020 بعد أن أمضت ثلاث سنوات كقمر ثان صغير.
وفي عام 2020، اكتشف العلماء أيضا SO 2020، وهو قمر صغير انجرف مرة أخرى إلى الفضاء في أوائل عام 2021. ومع ذلك، تبين أن SO 2020 لم يكن قمرا طبيعيا، بل بقايا صاروخ معزّز من الستينيات.
ولمدة 13 ساعة في عام 2015، اعتقد العلماء أنهم وجدوا قمرا مؤقتا جديدا يدور حول الأرض. لكنهم أدركوا خطأهم بسرعة عندما تم الكشف عن أن "القمر" كان تلسكوب غايا الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
وبالإضافة إلى الأقمار التي تأتي وتذهب من مدار الأرض، هناك أجسام فضائية تسميها ناسا الطروادة، مثل الكويكب 3753 Cruithne.
وتدور هذه الصخور الفضائية حول الشمس بشكل مشابه جدا للأرض لدرجة أنها تلتصق بكوكبنا طوال مداره البالغ 365 يوما.
وأبلغ العلماء سابقا عن شبه القمر Kamo'oalewa الذي يلاحق كوكب الأرض منذ قرن تقريبا ويدور في مدار الأرض منذ سنوات، ومن المرجح أن يستمر ذلك على مدى قرون قادمة. وأعلنت وكالة الفضاء ناسا أنه على الرغم من أن هذا الكويكب بعيد للغاية عن الأرض ليكون قمرا جديدا، إلا أنه ثابت كفاية في مداره ليعتبر "الرفيق القريب للأرض" أو القمرُ الجديد "شبه قمر".
وتكتسب بعض الأجسام الفضائية، مثل الكويكب 2010 TK7، لقب "القمر" لأنها تعلق في الجاذبية الفريدة لأنظمة الشمس والأرض أو الأرض والقمر. وتخلق جاذبية الجسمين الكبيرين مناطق من القوة الجاذبة، تسمى نقاط لاغرانج، والتي تحافظ على الأجسام الأصغر في مكانها في نقاط جاذبية ثابتة في الفضاء، وفقا لوكالة ناسا.
وقال هورفاث: "بالتوازي مع تكوين القمر الصلب واستقرار مداره حول الأرض، نشأت أيضا نقطتا لاغرانج L4 وL5، وبدأت في جمع وحبس جزيئات الغبار بين الكواكب. ويطلق بعض علماء الفلك على هذه السحب اسم أقمار طروادة. وتسمى أيضا سُحب كورديليوسكي، نسبة عالم الفلك البولندي الذي أبلغ عنها لأول مرة في الستينيات. وفي البداية، كان العديد من العلماء غير مقتنعين، ولكن منذ ذلك الحين، أكدت الأبحاث التي أجراها علماء الفلك مثل هورفاث أن سحب الغبار تتراكم في نقاط لاغرانج هذه".
ومع ذلك، فإن أقمار طروادة هذه لن تشكل أبدا قمرا أكثر صلابة، لأن الغبار لا يمكن أن يترابط أو يلتصق أو يتجمع بعضه مع بعضه، على حد قول هورفاث، موضحا أنه بينما تظل نقاط لاغرانج ثابتة، فإن المادة فيها ديناميكية، تدخل وتخرج باستمرار من سحابة الغبار.