فى فلك الممنوع تدور لعبة "البكيمون جو" تلك اللعبة الالكترونية التى تحظى باهتمام غير مسبوق لم تحظ به من قبل أية لعبة إلكترونية بهذا المستوى على النطاق العالمي، اهتمام قد يكون مرجعه إلى التطور التكنولوجى الذى يشهده العالم كل صباح منذ بداية الألفية الجديدة، والذى أدى لظهور الكثير من الشركات المبتكرة والمنتجة لتلك الألعاب لجنى أرباح بالملايين.
الممنوع الذى تدور فى فلكه تلك اللعبة يتمثل فى التحذيرات التى أطلقت بشأنها، والتى انحصرت ما بين كونها بوابة للتجسس، بحسب البعض، أو ما قد تسببه من أخطار للاعبيها الذين يجوبون الشوارع فى محاولة للإمساك بشخصيات اللعبة "البوكيمونات"، أو لأنها موضع تحريم من الأزهر الشريف ومن عدد من أئمة المسلمين الذين أصدروا فتاوى بتحريمها رغم اختلاف أسباب المنع.
وأصل البوكيمون يابانى كما تقول الموسوعة التعريفية للعبة التى اخترعها اليابانى "ساتوشى تاجيرى" فى عام 1995، كإحدى ألعاب الفيديو فى عالم خيالى مليء بمخلوقات عجيبة، والاسم باللغة العربية يعنى "وحوش الجيب".
أثارت اللعبة الأشهر هذه الأيام الكثير من الجدل لأنها الأولى التى تربط بين العالم الافتراضى والواقع، الأمر الذى أثار حولها الكثير من علامات الاستفهام عما إذا كانت هى اللعبة المثالية لعصر وسائط التواصل الاجتماعى أم لا، فاللعبة مطورة وفق تقنية الواقع المعزز والتى تضيف عناصر افتراضية إلى العالم الحقيقى الذى يظهر عبر شاشة الكاميرات الموجودة على الهواتف الذكية، وتستخدم خاصة تحديد الموقع الجغرافى "جى بى إس " للسماح لمستخدميها بالعثورعلى كائنات البوكيمون الصغيرة ذات الأشكال المتعددة والقوى السحرية المختلفة والتى حققت نجاحا كبيرا قبل ما يقرب من عامين فى مسلسل كرتونى جاذب.
ورغم مرور أكثر من عقدين على اختراع اللعبة التى أنتجتها شركة نينتدو اليابانية، إلا أن هوس الملايين حول العالم بها مؤخرا حولها إلى ظاهرة غريبة، فانتقلت من مجرد لعبة للتسلية والترفية إلى حالة من الجنون والاستحواذ أصاب رواد مواقع التواصل الاجتماعى كبارا وصغارا وباتت تتحكم فى تصرفاتهم الشخصية.
وبالطبع لم تشتهر إلا بعد تزايد الجدال والنقاش حولها، حيث أثار البعض شكوكا حول الهدف من ورائها، خاصة وأنها تتيح مجالا واسعا للحصول على بيانات المستخدمين، وتطلع على تفاصيل البريد الالكتروني، وتواريخ البحث، مرورا بالتعرف على محتويات "جوجل درايف" للتخزين السحابي، وذلك عندما يسمح مستخدمو التطبيق أن تطلع اللعبة على حساباتهم لدى محرك البحث الأشهر فى العالم، وكذلك تلك الموجودة على أجهزة تستعمل نظام تشغيل "آى أو إس".
قواعد اللعبة تفرض لى ممارسها الوصول لمجسم البوكيمون واصطياده من خلال تتبعه والتجول والمشى فى العالم الحقيقى من حوله، حيث تعتمد على مشاهدة البوكيمون فى البيئة المحيطة الحقيقية للمستخدم عبر شاشة الهاتف، ومن ثم اصطياده من خلال رمى كرة افتراضيه عليه، وذلك فى وقت يتم تحديده عن طريق الانترنت لتخطى مرحلة جديدة.
تحقيق النجاح يتيح للاعب التحول إلى مستوى آخر أعلى، مما دفع الكثيرين من لاعبيها للوقوع فى حوادث مؤسفة بسبب خوضهم لتجارب غاية فى الخطورة، مثل دخول بعضهم المستشفى بعد تعرضهم لحوادث سير نتيجة لانهماكهم فى تتبع البوكيمون، أو سقوط آخر فى المياه بعد أن انشغل بالقبض عليه، وفى أحد أقسام الشرطة بالولايات المتحدة الامريكية فوجئت الشرطة باقتحام أحد الأفراد لمبناه من أجل الحصول على البوكيمون، وآخرون قفزوا من فوق الأسوار لتخطى المرحلة والوصول إلى الهدف فى أماكن عسكرية ممنوع دخولها، والبعض نزل الشارع فى منتصف الليل للبحث عنها فى أماكن يكاد الوصول إليها رحلة موت.
لا يقتصر ضرر اللعبة على هذا بل إن لها أضرارا صحية، مثل التعرض لضربات الشمس كون أن ممارسيهم يجوبون الشوارع فى كل الأوقات لتتبع البوكيمونات، وتآكل جلد الوجه تأثرا بطول فترة التعرض لشاشة الموبايل، وظهور حبوب فى القدم، التواء وكسور العظام نتيجة السير فى الطرقات دون الانتباه للطريق، ويحذر أطباء علم النفس من إدمان هذه اللعبة لأنها تسبب الاكتئاب وتؤثر على توازن العقل والتوازن النفسى، وهو ماجعل بعض الحكومات فى أوروبا تحذر من خطر لعبة صنعتها التكنولوجيا وتحولت إلى كابوس يهدد الكثيرين.
أسباب انتشار اللعبة يرجع إلى الاستمتاع خلال ممارستها بوقت رائع، وإلى الحنين للماضى، وإلى ما توفره من تسليه ولهو، وإلى شعور اللاعبين بالثقة، وتكمن قوة جاذبية اللعبة فى كونها موجهة بالضبط حسب درجة الصعوبة المناسبة للاعبيها بقدر ممارستهم لها وتعاملهم الاجتماعى مع الآخرين، وإنها تحكى العديد من القصص على مواقع الإنترنت عن لاعبى "بوكيمون جو"، ممن يلتقون صدفة ببعضهم البعض خلال ممارسة اللعبة، وتشجع اللعبة على عملية التفاعل الاجتماعى، سواء عن طريق الانترنت، أو وجها لوجه، وهو أمر غير اعتيادى.
وانتشارها جعلها تعود بأرباح ضخمة على منتجيها حيث تستعد شركة آبل لجمع أكثر من 3 مليارات دولار كإيرادات من لعبة "بوكيمون جو" خلال العامين المقبلين، وذلك بفضل شراء اللاعبين العملة الخاصة باللعبة من متجر آب ستور التابع لها، بحسب محللين، وقد حققت اللعبة، التى أصحبت متوفرة فى الولايات المتحدة ملايين عمليات التنزيل فى أقل من أسبوع، بالثقة وباستكشافهم لشىء ما.
ويمكن لمستخدمى هواتف آيفون تنزيل لعبة الواقع المعزز بوكيمون غو ”Pokémon GO"، التى طورت بالتعاون مع شركة الألعاب اليابانية نينتندو، مجانا من آب ستور، ولكن ينبغى عليهم شراء عملة بوكى كوينز" للحصول على مزايا إضافية، بحسب البوابة العربية للأخبار التقنية، فإن كل 100 وحدة من عملة "بوكى كوينز" تكلف 99 سنتا فى متجر آب ستور التابع لشركة آبل، وقد يصل السعر إلى نحو 100 دولار لشراء 14.000 وحدة من العملة الافتراضية الخاصة باللعبة.
وعلى مستوى فتوى التحريم والحلال، فإن هناك 4 فتاوى لتحريم ممارسة اللعبة، وهى فتوى هيئة كبار علماء المسلمين لأن اللعبة تشتمل على العديد من المحاذير الشرعية والعديد من أفكار الدين الشنتوى اليابانى الذى يؤمن بتعدد الآلهة، وفتوى مفتى مصر الأسبق نصر فريد واصل لقيام اللعبة على تطور المخلوقات يرجح أن أصل الإنسان قرد، وفتوى شيخ الازهر الاسبق الشيخ محمد سيد طنطاوى لإساءتها للدين والعقيدة والعبث بعقيدة الأفكار وإضاعة الوقت، على صعيد شيوخ الأزهر الشريف فقد أعلنوا فى بيان رسمى أن لعبة البوكيمون جو محرمة.