لم يكن يتوقع طبيب إينشتاين وهو يشق جمجمته خلال تشريح جثته فى 17 أبريل عام 1955 بعد وفاته، ليدرس ذلك المخ العبقرى، أن البشر سيكونوا قادرين على صناعة الملايين من تلك العقول غاية فى الذكاء والقدرة على إنجاز محددة بشكل مبهر فى المستقبل، فالاتجاه العام الذى نسير فيه الآن هو جعل الأشياء أذكى فيما يسمى بالذكاء الاصطناعى، الذى سيصبح واحدا من أكثر التطورات تأثيرا فى تاريخ البشرية خلال الـ20 عاما المقبلة.
ولكن ما هو الذكاء الاصطناعى الذى يعمل خلف الكواليس ولا يراه أو يعرف ماهيته أحد، ويتم استخدامه الآن فى العديد من الوظائف التى يصعب على البشر فعلها بسرعة وبدقة مثل برنامج الذكاء الاصطناعى الذى يمكنه كتابه كتابة تقرير من حوالى 400 كلمة وبسرعة تفوق أفضل المحررين وبدقة أيضا، كما يستخدم فى قيادة الطائرات التى يركبها الملايين يوميا.
وهناك ثلاثة جوانب لهذا الاتجاه العام إذا تمكنا من فهمها سنتمكن من فهم الذكاء الاصطناعى، حسبما حددها كيفين كيلى أحد خبراء المجال.
1- يعد فهم معنى الذكاء ضعيف، إذ ينظر البشر للأمر من جانب واحد فقط وهو اختبار مقياس الذكاء مقارنة بالإنسان، والدليل على أنه ذكى أو غبى وحقيقا ليس هذا هو الذكاء البشرى، بل إن العقل لديه أنواع عديدة من الذكاء مثل الاستدلال الاستنتاجى أو الذكاء العاطفى ولدينا أكثر من 100 نوع من أنواع الذكاء، وبالتالى تختلف درجتها من شخص لآخر وإذا نظرنا للحيوانات، فسنجد أنواعا أخرى من الذكاء وفى بعض الأحيان تستخدم نفس أدواتنا، ولكن بطريقة مختلفة وبترتيب مختلف أيضا.
وحينما نصمم الآلات فإننا بالتالى نعطيها قدرة هائلة فى بعض الجوانب، بينما تكون ضعيفة فى جوانب أخرى، ونأخذ تلك الجوانب الصناعية ونضيف إليها الذكاء الصناعى وسنحددها بشكل كبير، فإن الآلة الحاسبة هى بالطبع أذكى من البشر فى إجراء العمليات الحسابية، وجهاز تحديد المواقع أذكى من الإنسان بمراحل كبيرة وجوجل على سبيل المثال أذكى من الانسان فى الذاكرة طويلة الأمد من جانب حفظ البيانات واسترجاعها من خلال البحث، وبالتالى فإن الخطوة التالية فى أخذ تلك المهارات المختلفة ونضعها فى سيارة مثلا تسلا والتى تستطيع أن تقود نفسها، وبالتالى فإن قيادة السيارة لنفسها تحكمه عوامل محددة مختلفة تماما عن الإنسان، فربما يقود الإنسان وهو متوتر أو فى حالة تعاطى مخدرات ما يتسبب فى الحوادث فالذكاء الاصطناعى لا يمكن أن يتشتت "السيارة" تقود فقط خالية من الوعى وتتبع مجموعة من الأوامر المحددة بناءا على حسابات معقدة ..
وبالتالى ما نحاول القيام به من خلال الذكاء الاصطناعى إيجاد أنواع مختلفة من التفكير وهناك مجالات من العلوم والتى يوجد لدى أغلب البشر صعوبة فى القيام بحل العديد من المشاكل الخاصة بها، فبالتالى نحن بحاجة إلى برنامج للقيام بالتفكير بطريقة معينة تمكننا من حل المشاكل الكبيرة ويقودنا هذا إلى أن التفكير بطريقة مختلفة هو الطريقة إلى الابتكار والثراء والاقتصاد الجديد.
2- الجانب الثانى أننا سنستخدم الذكاء الاصطناعى للقيام بثورة صناعية ثانية بكل بساطة، لقد قامت الثورة الصناعية الأولى على الطاقة الاصطناعية وقبلها كانت الثورة الزراعية وكان كل شىء يدار عن طريق عضلات الإنسان أو الطاقة الحيوانية، ومع الثورة الصناعية تمكن الإنسان من استخدام البخار والوقود الحجرى الذى وفر الكثير من المجهود والوقت ومع ظهور الإنترنت أصبح امتلاك تلك القوة الصناعية فى متناول الجميع الأفراد، الأمر ينطبق على سيارة تسير بقوة 250 حصانا والآن مع الثورة الصناعية الثانية سيصبح لديها 250 عقلا ليجعلوها تسير بمفردها، وبالتالى سيتدفق الذكاء الاصطناعى عبر شبكة الإنترنت كما يحدث انتقال الطاقة فى شبكة الكهرباء، حيث سيصبح كل شيء يعمل بالكهرباء سيكون لديه إدراك فإن طريقة البدء فى المشاريع ستكون مختلفة بشكل كبير حيث سنضيف الذكاء الاصطناعى لأى شيء يعمل بالكهرباء هذا هو الطريق إلى الثورة الصناعية الثانية، والآن يمكن للجميع امتلاك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، وفى النهاية عندما نجسد الذكاء الاصطناعى فإننا نحصل على الروبوت حيث يؤدى العديد من المهام التى يقوم بها البشر .
3- الأمر الثالث أننا سنقوم بإعادة تعريف أعمالنا لأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى ستؤدى العديد من تلك المهام كما أنها ستشرف على العديد من الفئات الجديدة بالكامل مهام جديدة بالكامل لم نكن على وعى بوجودها من الأساس وبالتالى سيتولد نوع جديد من الأعمال التى نرغب فى القيام بها، كما أن الأشياء الميكانيكية نتج عنها أشياء جديدة لم نكن على علم بها، والآن لا يمكننا العيش بدونها وبالتالى سينتج عن ذلك العديد من الوظائف الجديدة والضرورى أن تكون المهام الموكلة إليهم تكون محددة من حيث الكفاءة والإنتاجية وحيث يتوفر ذلك التحديد فإن تلك المهمة سيقوم بها الروبوت فإن الانتاجية هى شيئ للروبوت .