حقيقة يعلمها الجميع ورغم ذلك نتجنبها إلا القليل وهى حمد النعمة أثناء تمتع الفرد بها ووجودها معه وعدم الانتظار إلى فقدانها لمعرفة قيمتها والبدء فى العويل عليها والترحم والتغنى بها وبجميل أوصافها فالأسود والأبيض موجودان والخير والشر موجودان والغالى والرخيص فى الخصال من البشر أيضا موجودان، أى لا ينتظر احدهما اختفاء الآخر ليظهر ويتواجد هو، ولولا الأسود ما عرفنا قيمة الأبيض ولولا الشر ما عظمنا قيمة الخير فينا، ولولا المواقف التى تغضبنا ونراها مخزية ما قدرنا لإخواننا وأصحابنا مواقفهم التى نسميها بالرجولية والجدعنة والشهامة، فدعوتنا أن نقدر ما بأيدينا وما فى واقعنا خاصة إذا كان الحديث عن موجودات أوجدها الله عز وجل فى دنياه لنا نحن البشر فلا نملك من أمرنا شيئا فى تغييرها أو تعديل ثوابتها.
أما إذا كان الحديث عما صنعناه نحن فهذا يتطلب وجوبية التعامل الايجابى معه لتغييره وهذا مطلب شرعى طالبنا به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وكذلك أمرنا رب العزة أن نشكر فى الحالتين لأنهما ابتلاء على نفس القدر حيث قال عز وجل (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) صدق الله العظيم.
فتحية شكر للحظات عشناها صعبة على القلب والنفس لفضلها فى الإحساس بمتعة الهناء باللحظات التى تلتها وكنا فيها سعداء وتحية للون الأسود الذى أضاء للون الأبيض طريقاً فازداد توهجاً حتى لو كان بدون قصد منه وأخذاً بيد من وصفناهم بأنهم خذلونا وأنهم لا يستحقون تضحياتنا إلى أن يكونوا كما نرضى لهم أو أن نجعلهم كاللون الأسود فى حياتنا نعرف من خلالهم قيمة من سواهم ومن ضحوا من اجلنا دون أن نقول لهم كلمة شكر أو حتى ابتسامة ثناء فظنوا أن صنيعهم هذا مفروض عليهم فبادلونا نفس الملامح ونفس التعامل وانضموا دون أن ندرى إلى من نعانى منهم وفى الحقيقة أننا السبب الوحيد فى ذلك.
وفى النهاية اذكر نفسى وإياكم بقول الله تعالى (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) وقول الرسول صل الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فمن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان) وفى حديث آخر (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق.