دخل صديقى " الستينى " فى النوم مبكّرا، تعجّب من تثاقل أجفانه ورغبة فى التثاؤب المستمر، تُرى هل زاره طائف النوم الآن ؟ حدّث نفسه: كيف ذلك وأنا لا أنام إلاّ بعد منتصف الليل بساعات، فالأرق رفيقى والسهد نديمى طوال الليل !، ابتسم وتمددّ على سريره ثم أطفأ مصباحا صغيرا يستقر على طاولة خشبية صغيرة بجواره عليها بضعة كتب يتصفّحها برتابة قبيل نومه وباستيقاظه صباحا لا يتذكر ما قرأه، عادة درج عليها سنوات طويلة.
دقائق قليلة وسُمع غطيطه يتردد بين أروقة الشقة ثم تسرّب " شخيره " للمبانى المجاورة فحمد الجيران الله على تلك النعمة التى حلّت بصاحبنا، وحسده آخرون وأسرّوها فى أنفسهم.
استغرق فى النوم، حتى أحس بصوت خارج غرفته.! تُرى من ؟ لم يهتم فالتعب قد حلّ بجميع جسده، فالنوم سلطان لا يغلبه أحد، ثم شعر بيد تدير مقبض الباب بهدوء وتفتحه ، وبصعوبة فتح جفنيه ليجد شبح امرأة فائقة الجمال عرفها.
أهى تلك الفنانة الشهيرة ؟ نعم ؟ بشحمها ولحمها.!حاول النهوض لكن أبى جسمه أن يطاوعه وتداعت أعضائه بفعل السن والاجهاد فسقط فى بئر النوم، لم يتركه الشبح ينعم بنومه ، اقتربت منه رويدا، هزتّ جسمه برفق عسى أن يصحو، فلما لم تجد بصيص نور أو إشارة حياة، جلست بجواره تندب حظا عاثرا أوقعها فى حٌلم هذا المسن، نظرت إليه بحنق بينما انطبقت أجفانه كحجرى رحى ثقيلة تأبى أن تتحرك وقد علا " شخيره " حتى أقضّ الطيور فى أعشاشها على الشجر، وزامت كلاب الحى كمدا.