بعض الناس أصبح الانتقاد لديهم أسلوب حياة، ويعتقدون فى مخيلتهم أنهم نقاد عظماء، بل وأصبح الأمر بداخلهم يشبه الإدمان الذى بدونه يشعرون بأنهم مرهقين وينقصهم شيئا، وأيضا لم يقتصر الأمر فقط على الانتقاد بل وصل بهم إلى أنهم أصبحوا أوصياء على المجتمع بكامله، يبحثون طيلة الوقت عن من ينتقدوه.
هذا يتحدث إلى الفتيات فيشبعوه مواعظ وحكم وربما يتطرقون إلى تربيته ؛ وهذه لا ترتدى الحجاب إذا هى تحتاج إلى اعادة تربية ؛ وتلك تكتب بأخطاء نحوية فلماذا لا يعلمونها الكتابة الصحيحة ؛ وهذا يستمع إلى الأغانى ويقوم بعمل شير وهذا من المحرمات... وغيرها الكثير من أنواع الانتقادات..
حتى أنهم أصبح عندهم الانتقاد لاذعا وقاسيا بلا أى مبررات، وبدا يستهدف الكبير والصغير فى مجتمعنا وكأنهم أوصياء على المجتمع، على الرغم من أن هؤلاء إذا تطرقت إلى حياتهم وأفعالهم تجدهم يحتاجون لأقسى أنواع الانتقادات.
هنا ربما سينتقدنى أحدهم قائلا: أليس ما تكتبينه هنا هو أيضا انتقاد لهم !.. نعم أنتقدهم ولكن لا أعيبهم فى شىء مثلما يفعلون هم مع الآخرين، فالنقد ليس هو انتقاد الاخلاق فلكل منا ما تربى عليه، ولا العبادات فهى بين العبد وربه، ولا حتى بالمظاهر فربما تجد شخصا بسيطا قلبه عامرا بالايمان اكثر من هؤلاء المنتقدون..
وايضا يجب أن يتخلص هؤلاء من عقدة الأنتقاد أو على الاقل يتعلمون اصول الانتقاد حتى لا يصبح الامر مؤذيا للغير ؛ وقبل أن تتعلم اصول الانتقاد يجب عليك أن تعرف أن قبل أن تنتقد الاخرين يجب أن تكون (ذات اهلية) فالعاقل هو من يعرف قدره وقدر من ينتقده، لهذا فليس كل واحدا ايا من كان عليه أن ينتقد الاخرين وقتما شاء، وان الانتقاد يجب أن يكون نقد بناء لتصحيح ما هو خاطئ وليس عليك اجبار الاخرين بالأخذ برأيك كفرض أو امر مسلم به عليهم..
اما القاعدة الاولى من اصول الانتقاد هى:
التزام الأدب فى انتقاد الاخرين، فلا تسب ولا تسخر ولا تتهجم ولا ترفع صوتك أن لم يقبل الطرف الاخر انتقادك له، فالحرية الشخصية تجبرك أن تحترم حرية الاخرين، مثلما فعل الامام الشافعى مع المزنى وهو يعلمه كيف ينتقد الاخرين:
قال المزنى: سمعنى الشافعى يوما وانا اقول: فلان كذاب، فقال: يا أبا ابراهيم.. أُكسُ الفاظك أَحسنها، ولا تقل: فلان كذاب ولكن قل: حديثه ليس بشئ..
والقاعدة الثانية من اصول الانتقاد هى:
الامانة والدقة فى انتقاد الاخرين، فلا تقول ما ليس فيه كذبا وافتراء، ولا تحكم عليه من زاوية واحدة بل اسمع له اولا أو واجهه ولكن أنتظر لتسمع ما سيرد به عليك دفاعا عن نفسه ربما كنت مخطئا ولا تعلم.
أما القاعدة الثالثة والاهم هى:
لا تقلل من انجازات احد فالبعض ينتقد فقط للتقليل من إنجازات الآخرين، وهذا له اسباب عديدة ربما بدافع الغيرة أو الكراهية أو العنصرية.. وغيرهم، فلكل منهم دوافعه الشخصية فى انتقاد الاخرين ؛ فكن حياديا فى انتقادك وتعلم أن الانتقاد له ايجابيات وسلبيات، ربما تدمر شخصا وأنت لا تعلم، أو تكون السبب فى انهيار الآخرين بانتقادك اللاذع لهم.
وربما ايضا لن تناسبك هذه النصائح إذا كنت من الأشخاص الذين ينتقدون لأنهم لا يستطيعون العيش بدون انتقاد، أما من يريد أن يتخلص من داء الانتقاد فليحاول أن يقرأ مقالى بعناية. وأخيرا.. أتمنى أن لا أنال قسطا من الانتقاد على مقالى هذا من البعض..