ترجع أسباب مشكلة البطالة فى الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصرى كاقتصاد نامٍ يعانى من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية، تتمثل فى الاختلال فى ميزان المدفوعات والاختلال فى الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالى الإنتاج والاستهلاك.
فى النصف الثانى من السبعينات اتجهت معدلات البطالة نحو الارتفاع النسبى، إلا أن هذا الارتفاع ظل فى الحدود المقبولة فقد تراوح معدل البطالة بين 2.3 % و5.6 % طوال هذه الفترة، حيث مكن زيادة حجم الإنفاق الحكومى فى ذلك الوقت من إعادة الإعمار وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبى، سواءً كان ذلك من البترول أو تحويلات العاملين بالخارج أو حصيلة السياحة إضافةً إلى القروض الضخمة التى حصلت عليها مصر آنذاك، كما ساهم استيعاب أسواق العمالة بالخليج العربى لأعداد كبيرة من العمال والفنيين المصريين فى تأجيل انفجار مشكلة البطالة إلى عقدى الثمانينيات والتسعينيات، حيث شهدت فترة الثمانينات العديد من العوامل التى أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة .
إذ ساهمت مجموعة من العوامل الخارجية فى إضعاف معدلات الاستثمار وبالتالى زيادة حجم البطالة من هذه العوامل انخفاض الحصيلة من بيع البترول المصرى نتيجةً لانخفاض أسعارها إلى جانب قلة حجم الصادرات المصرية الأخرى، يضاف إلى ذلك تفاقم مشكلة ديون مصر الخارجية وزيادة أعباء خدمة الدين مع ما صاحب ذلك من قيود على قدرة مصر على الاقتراض.
تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كشف عن معدل البطالة بين الذكور والإناث فى الفئة العمرية 15 إلى 64 عاما فى الفترة من أكتوبر الى ديسمبر 2017 حيث بلغ نسبة البطالة بين الذكور 7.8% من إجمالى قوة العمل، وبلغت إجمالى البطالة بين الإناث 23.3% فى الربع الرابع من 2017.
وأشار التقرير إلى أن معدل البطالة فى الفئة العمرية من 15 إلى 19 عاما من الذكور فى الفترة من أكتوبر الى ديسمبر 10.2% ومن الإناث 34.1% ومعدل البطالة فى الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاما بين الذكور 17.1% و43.9% بين الإناث وفى الفئة العمرية من 25 إلى 29 سنة من الذكور 23.1% ومن الإناث 39.9% من قوة العمل عام فى الربع الرابع من عام 2017.
وتقل البطالة بين الذكور فى الفئة العمرية من 50 إلى59 عاما حيث تبلغ 1% مقابل 1.3 بين الإناث فى نفس الفترة العمرية، وأشار التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة بين الذكور فى حملة المؤهل الجامعى وفوق الجامعي، وتقل فى المؤهل الأمى حيث يبلغ1.5%، ولفت التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة بين الإناث من حملة المؤهل الجامعى والفوق جامعى حيث تبلغ 32.5% وارتفع معدل البطالة فى حضر المحافظات الحدودية، حيث بلغت 8.4% بين الذكور فى الربع الرابع من 2017 وارتفعت معدلات البطالة بين الإناث فى حضر الوجه القبلى بنسبة 29.4% فى الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر الماضي.
منظمة العمل الدولية قالت أن مصر شهدت خلال الفترة الماضية تقدما ملموسا فى بعض جوانب سوق العمل وإن الحكومة المصرية فعلت الصواب بشأن التركيز على التوظيف وتدريب الشباب بالعديد من القطاعات واعدة، مؤكدة تدعم حاليا مشروع تطوير المراكز المهنية لتدريب الشباب وأن مثل هذه المشروعات تعد استثمارا متوسط وطويل الأجل .
تفضيل الشباب لوظائف حسب مؤهلاتهم هو أحد أسباب البطالة فى مصر حيث توجد وفرة كبيرة فى المؤهلات العليا أكثر من العمالة الفنية، وهو ما تسبب أيضا فى نقص العملة المتخصصة فى القطاعات الإنتاجية ونقص العمالة المدربة هو المشكلة والتحدى الأكبر الذى يواجه الصناعة المصرية خلال الفترة الحالية فى ظل نقص العمالة الفنية من المدارس الفنية، وهو ما يدعو إلى ضرورة إعداد برامج تأهيلية للشباب لتوفير التدرب وفرص العمل أيضا، لكن هذا سيحتاج إلى مجهود كبير فى حين بدأت الدولة بالفعل من المدارس الفنية لتدريب الطلاب بالتعاون مع عدد من المصانع لتوفير التدريب ثم فرص العمل بعد ذلك.
البطالة تعتبر أزمة حقيقية تحتاج إلى حلول غير تقليدية بالنظر إلى نسبة البطالة بين الشباب والتى بلغت نحو 25% من معدل البطالة فى مصر وأيضا نسبة بطالة المواطنين لمن يعمل أقل 40 ساعة أسبوعيا، مما يزيد نسبة البطالة بشكل كبير جدا مع العلم أن مصر من بين الدول القليلة التى لديها نسبة بطالة كبيرة بين المتعلمين وخريجى الجامعات.
توفير فرص عمل للشباب فى مصر يرتبط بشكل كبير بتوفير مجموعة من العوامل منها تحقيق التوازن على مستوى الاقتصاد الكلى وتوفير بيئة مواتية للاستثمار وسوق عمل يحقق الكفاءة والتنافسية ومنظومة تعليم مواتية وتحقيق حماية اجتماعية مع ضرورة توجيه المزيد من جهود التنمية فى المحافظات من أجل احتفاظ المحافظات بسكانها ومنع الهجرة الداخلية للقاهرة بحثا عن العمل، وضرورة توفير خريطة واضحة للفرص المتاحة على مستوى الجمهورية وإعادة النظر فى منظومة التعليم التى رسخت فى الأذهان أن المجالات ذات الأولوية فى الدولة مرتبط بالمجموع فى الثانوية العامة.