لقد جعل الله تبارك وتعالى الزواج هو الوسيلة الوحيدة التى تضمن استمرار الحياة على سطح كوكبنا، فبدون زواج تنتهى الحياة وتنقرض المخلوقات بصورة جماعية، فالزواج ليس سلوكا مقتصرا على بنى جنسنا فحسب، بل هو من السلوكيات التى نتقاسمها مع جميع المخلوقات الحية ولكن اختيار الشريك المناسب يختلف من عالم لآخر، فعالم الحشرات يختلف عن عالم الطيور، وعالم الأسماك يختلف عن عالم الحيوان، فهناك بعض المخلوقات يختار شريكه لقوته المفرطة، وبعضها يختار أنيسه لقدرته على توفير الطعام، والبعض الآخر يختار من يقدر على توفير المأوى الآمن، وهناك من يختار لأسباب أخرى، هذا فى غير عالم البشر.
أما فى عالم الإنسان فتعتبر نظرتنا للزواج متفاوتة ومتباينة، فمنا من ينظر إلى الزواج على أنه غاية فى ذاته يسعى لتحقيقها بكل وسيلة ممكنة حتى ولو كان على حساب سعادته وهنا تكمن المشكلة؛ فمثل هذا الشخص لا يحسن اختيار شريكة حياته لأنه يختارها بطريقة تشبه طريقة الاختيار فى العوالم الأخرى من غير بنى البشر .
ومنا من ينظر إلى الزواج على أنه وسيلة لتحقيق السعادة التى بدورها مطلب جوهرى من متطلبات الحياة الآمنة، لهذا تجد هذا النوع من الناس يحسن اختيار شريكة حياته لأنه ما أراد إلا تحقيق السعادة ولن يتوصل إلى ذلك إلا باختيار الشريك الأمثل وهذا النوع نادر فى هذا الزمان.
ولهذا التباين والاختلاف أردت أن أناقش قضية خطيرة من قضايا العصر والتى تتفاقم يوما بعد يوم ألا وهى (كثرة الطلاق)
كثيرة هى المشاكل التى ظهرت فى كثير من البيوت ولا أرى سببا لذلك إلا التسرع فى اتخاذ القرار الصحيح فى اختيار شريك مناسب نستأنس به فيما تبقى من رحلتنا فى هذا الحياة.
ولا أرى أنسب من شريك يفهمنا دون شرح، يسمعنا دون ملل، ينصحنا دون تكبر، شريك نرى فيه الكمال لنقصنا المتلازم، فكلانا خُلق ليكمل الآخر، شريك نسكن إليه فى مودة ورحمة، شريك يَسهُلُ معه التواصل الفكري، وأسهل طريق للوصول إلى تلكم الغاية هو أن يختار كلٌّ منَّا من يتناسب معنا فكريا وثقافيا لا شكليا أو ماديا.
قد تكون جميلة، وطباخة ماهرة ولكنها لا ترتقى إلى نصف مستواك الفكري؛ ليس الاختيار الأمثل.
قد يكون غنيا وسيما ولكنه لا يرتقى لمستوى ثقافتكِ وتفكيركِ؛ طلاق محتمل.
ليست المشكلة فى زواج الصالونات، بل هى فى تباين الثقافات.
وهذا كله بعد تطبيق قول النبى صلى الله عليه وسلم "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وقوله: "إذا جائكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
فالزواج من أعظم النعم، فإلى متى سيكون طريق إلى النقم؟!
والطلاق نقمة من أسوء النقم.
دمتم فى أمان الله.