آه يا ليل آه يا ليل آه يا ليل - هكذا سمعناها لأول مرة - ورددنا معها ما غنت ونحن نتساءل من هذه البنت؟
وإذا بصوتها يصدر عن المحال والمتنزهات والأماكن العامة والسيارات والبيوت ليملأ أسماعنا ويبهج أحاسيسنا، فنشعر أنها واحدة منا ، ولدت من طمى نيلنا ونشأت من حميمية حوارينا ، سمراء ، بهية الطلعة ، خفيفة الظل، صاحبة صوت شجى قريب من الأنفس يسرها فى الفرح ويواسيها فى الجرح .
إنها شيرين عبد الوهاب - بنت من بنات مصر ونموذج من نماذجها التى تتحدى المصاعب وتقهر الضغوط، وتعبر الحواجز والعراقيل والأشواك لتبلغ حلمها وتحقق ماتصبو إليه من نجاح بل وتفوق فى مجالها.
وأنا ممن تعلقوا بصوت شيرين عبد الوهاب وأحبوا أغنياتها ، بل وتمنيت كشاعرة أن أهديها كلماتى لتتغنى بها فتجسد بصوتها الجميل ما تنطوى عليه من مشاعر.
وأذكر من تجاربى القريبة جداً مع صوت شيرين وقوة تعبيره عن حس مستمعينه ماحدث عقب وفاة صديقتى الإذاعية الجميلة الحبيبة مها الشريف - رحمها الله- حيث قامت أسرة إذاعة القاهرة الكبرى بإعداد برنامج عنها تكريماْ لروحها وإذا بهم يعقبون صوت الإذاعية الراحلة بصوت شيرين عبدالوهاب فى رائعتها (كده يا قلبى يا حتة منى ) فكانت الأغنية صرخة ألم عبرت عن الحزن والأسى بصوت جعلنى أجهش بالبكاء حين شعرت وكأننى أنا التى أغنيها لصديقتى الراحلة وبنفس الإحساس الذى جسدته شيرين بصوتها.
هكذا يكون الفن وهكذا يكون الفنان تجسيداً حياً للضمائر وماتنطوى عليه الأنفس والقلوب ، لذا فإنه على كل فنان صادق بصفة عامة وعلى شيرين عبد الوهاب بصفةٍ خاصة أن تعلم أن فنها ملك لجمهورها المحب لها وأنا منه.
ويحق لنا جميعاً أن نرفض مااستيقظنا عليه بالأمس وفوجئنا به من قرار اعتزالها الغناء - نعم شيرين عبد الوهاب..نحن نرفض هذا القرار رفضاً تاماً ونطالبك العدول عنه وليبقى صوتك معبراً عن مشاعرنا فى الحزن والفرح.. فأنت بنت مصر التى شربت من نيلها وجربت تغنى لها فأحبها المصريون.