يحدثنا السلف الصالح والأجداد عن قصص البر المختلفة وأثرها على الفرد فى حاضره ومستقبله، وتدعونا الأحاديث النبوية الشريفة إلى ضرورة البر بالآخرين وخاصة البر بالوالدين، ويعرف البر من وجهة نظرنا على انه جميع أفعال وصنوف الخير.
والبر والحب مصطلحان يترددان بكثرة يفرقهما فقط هو أن البر يصطبغ بالصبغة العملية فيتضمن سلوكيات وأفعال واقعية وليست مترادفات نظرية قد يفهما البعض بأسلوب يختلف عن فهم البعض الآخر له، فحب الوطن مغروس فى نفوس الجميع بالغريزة البشرية، وينميه الواقع والعلم والتجربة والارتباط بالأرض والبشر والصداقات والأماكن والذكريات، وقد تتفاجأ أن من يخرب ويدمر فى وطنه يتشدق أن ما يقوم به من وازع حبه لوطنه.
والمتأمل فى حديث رسول الله صل الله عليه وسلم الذى يقول فيه فيما معناه "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم" ولم يذكر الرسول صل الله عليه وسلم أو يدعوا الآباء إلى البر بالأبناء، لأنها كما أشرنا فطرية الوجود من صنع الخالق عز وجل.
وأيضا ألمح الرسول صل الله عليه وسلم أن حب الوطن من الإيمان، ودلل فعليا على ذلك عندما طارده أهل مكة وآذوه وأجبروه على الخروج منها فدمعت عيناه وهو يتلفت إليها وقال (والله لولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت).
ومن زمن سيدنا سليمان عندما أمر الهدهد أن يتفحص العالم ويأتى بأجمل مكان على وجه الأرض، فدار الهدهد وصال وجال وأتى النبى سليمان على صخرة وقال ها هو أجمل مكان على وجه الأرض يا نبى الله، فتعجب سيدنا سليمان فقال الهدهد هو المكان الذى ولدت فيه، هذا ما يقصد به بالفطرة التى جبل الله عز وجل خلائقه عليها.
وهنا أود الإشارة إلى ضرورة توافر البر بالوطن وهو الانتقال من مرحلة الشعارات والمترادفات الحنجورية النظرية إلى الواقع العملى الايجابى، إلى الأداءات السلوكية، إلى زرع الشجرة حتى وان قامت الساعة، إلى إزالة الأذى من الطريق، إلى إلقاء السلام على الآخرين، لا إلى تفجير الشجر والبشر، ولا إلى تكفير الآخرين.
شركاء الوطن متفقى أو مختلفى الدين، هذا هو بر الوطن هو أن تسعى إلى أن يكون وطنك فى مقدمة الأمم، هو أن تساهم فى رفعته والارتقاء به، هو أن تضع لبنة فى بناء مجده وعزته، هو أن تدفع عنه الأذى اى أذى، فنظافة بيتك من الإيمان هو بر للوطن وتجميل شارعك هو بر للوطن وغرس قيمة ايجابية فى نفوس أبنائك هو بر للوطن.
ومن البديهيات والفطريات التى جبلنا الله عليها كعاطفة الأب نحو أبنائه ووطننا الغالى مصر فى هذا الوقت بالذات يحتاج إلى أبنائه البررة الذين تدمع عيونهم عندما يغتربون عنه ويقبلون ترابه عندما تطئ أقدامهم أرضه .
مصر الآن تتكالب عليها الأمم لا يريدون لها الخير الذى قضى الله به لها ينازعون قضاء الله لها، وللأسف من بينهم أبناء لها ولكنهم ضلوا وأضلوا الطريق فطمسوا الجدران بعدما طمست قلوبهم، وتلوثت أفكارهم بموت ضمائرهم، متغافلين أن حب الوطن من الإيمان وان بر الوطن أيضا من الإيمان ولذلك علينا الآن الاصطفاف نحو نصرة مصر ودفعها إلى الأمام رغم أنف الحاقدين والمبتورين والممولين وكارهى أنفسهم ووطنهم، وتحيا مصر وتحيا مصر وتحيا مصر .