رحلة الحياة بِكل تعرجاتِها وانكساراتها بدايةً من "الحب المنشود" أو حتى "المَوت الموعود" جميعُها مُقدرات كُتبت علينا وَلا يد لنا فيها، تلك الأمور بكل ما تحمله من سعادة أو حتى آلام، ربما أتت لِتطهرنا من غريزة التعلق بكل ما هو دنيوي، وذلك حينما تُلقِنَنا درساً جديداً فى كل مرة يزداد فيها تعلقنا بالأشياء لتذيقنا من مُر هذا التعلق ما لا يحتمل، حتى ما إذا بلغت سعادتنا، أو آلامنا "ذُروتها" فإذا بكلمة النهاية تأتى لتُكْتب لها سريعاً وتعيدنا إلى سيرتنا الأولى غير أننا لن نعد سالمين! بل غانمين محملين بأوجاع ترسبت بداخلنا كلما حملتنا تلك المقدرات وهبطت بِنَا من رحلة إلى أخرى.، فهى أحياناً تأتى فقط لنعيشها لحظة بلحظة بكل ما لدينا من أحاسيس و مشاعر، وفى أحياناً أخرى تهبط علينا مجردة من أى رغبةً فيها ولا سابق ميل لها، مما يضطرنا للاستعانة بذخيرتنا العقلانية دون أدنى عاطفة لنتجاوز ما فرضته تلك المقدرات، والتى كثيراً ما تتسبب فى حصارنا لنجد أنفسنا من جديد بمفترق طرق، يخيل لنا فيه بأننا مُخيرين، ولكن للأسف فالاختيار بين الحَسِن والأحسن أصبح رفاهية! فحقيقة الأمر أن غالباً تأتى هذه الاختيارات لتجمع ما بين الصعب و الأصعب والمستحيل، وحينها نُوقن بأننا بالفعل مخيرين! نعم مخيرين ولكن.، بين كل ما هو مفروض! ولا محالة من التراجع، ولا حتى هناك إمكانية لأن نتشبث بأماكننا، فبعض المقدرات تُعد من سنن الحياة التى لا مفر منها، والاختيار فيها حتمي.، وليس بالضرورة أن مَن يضعنا تحت هذا الضغط يكون مُتمثلاً فقط فى شخص له سُلطة علينا أو مَناخ معين يحيط بِنا.، وإن كان هذا ما يحدث غالباً، ولكن أيضاً لا يمكننى أبداً أن أنكر أن لنا دوراً كبيراً فى تحديد مصائرنا.
كثير ما نجد أنفسنا على حافة هاوية، كنا نراها بضعف بصيرتنا وقلة تجاربنا قمة الأمان والاستقرار، ولذلك.، فهناك لحظة ما!! قد يحدث بداخلنا صراع غريب لا نستطيع تفسيره ولم ندرك سره أبداً، وذلك عندما نخير، ولكن ما ينتج على إصره من قرارات لا عجباً من أنها تصنع كل شيء فى حياتنا القادمة، لذا.، فنحن هنا ليس أمامنا سوى أن نحترم اختياراتنا وبمنتهى الرضا.، وإن كانت هناك الكثير من البدايات قد فُرضت علينا، فربما أتت كاختبار أن أحسنا استقباله وأبْدِينا استعدادنا على تقبُلها والتعايش معها، مُستعينين عليها بالصبر:فقد نُمنح باجتيازنا لهذا الاختبار فرصة "الاختيار الحقيقي" لنهاية نرتضيها لأنفسنا، وحينها نستطيع كتابة تلك الخاتمة بأيدينا، والتى ستكون حتماً نهاية سعيدة، وإن كنت لا آراها نهاية أبداً، بل إشراقة جديدة للبدايات التى أردناها دائماً، وتمنيناها من ذى قبل!
ولكن "فقط" قد يتحقق هذا.، إذا تمهلنا عند كل "بداية" وتمسكنا عندها بمبادئنا إصراراً منّا على إبقاء ضمائرنا يَقظة مضيئة بداخلنا، وأيضاً باستحضار فطرتنا السليمة الّتى أودعها الله فِينَا فأبدع حينَما وهبنا حق الإختيار بين كل ما هو صواب أو كل ما هو مُقنع ومُختلق، وذلك "كلما خُيرنا أو مَرينا بِمُفترق طُرق ..".