يستغل المتشددون مناسبة عيد الأم ليخدعوا الناس بقولهم إنها بدعة، وهذا من توهماتهم المتكررة فلا دليل شرعى على تحريم أو تبديع ذلك، وإن كان من الأفضل عدم قصر هذه المناسبة على يوم واحد فقط، بل يجب أن تكون كل السنة عيد حب ورحمة للأم، وعن أدلة المتشددين للقول بالبدعة فهى محصورة فيما يلى:
1 - قالوا إن الاحتفال بعيد الأم بدعة .
فنقول: ليس كل أمر جديد بدعة، بل ما يخالف الشرع و يعارضه، فبخلاف قول سيدنا عمر عن صلاة القيام "نعم البدعة هذه" نجد أن إجماع الصحابة والتابعين على جواز التفرقة بين البدعة الحسنة والسيئة ومنهم السيدة عائشة، وابن عمر، وابن مسعود ، والحسن البصرى وغيرهم ، مما يؤكد أن البدع الحسنة مستثناة من تحريم الابتداع، وذلك لأن الاحتفال بالأم له أصل وهو بر الوالدة.
2 -قالوا إن الاحتفال بعيد الأم محرم لأنه كشهادة الزور، كما فى قوله عز وجل (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) سورة الفرقان 72
ونقول: قد ورد فى شهود وحضور الزور عدة أقوال وتفاسير مختلفة من التابعين مثل تفسيرها بالكذب واللهو وغير ذلك، فهى اجتهادات وليست حجة خصوصًا عند الاختلاف وتعدد تفاسير الآية، ولم يأت فيها تفسير للنبى (صلى الله عليه وسلم ) ولا عن الصحابة إلا عن ابن عباس بقوله هى : أعياد المشركين ، ولم يصح عن ابن عباس ذلك، بل هذا يخالف ما صح عن ابن عباس ، فعن سعيد بن جبير ، قال : مات رجل نصرانى وله ابن مسلم ، فلم يتبعه فقال ابن عباس : " كان ينبغى له أن يتبعه، ويدفنه، ويستغفر له فى حياته.
3ـ- قالوا يحرم الاحتفال بأعياد غير المسلمين لقول النبى (صلى الله عليه وسلم): " وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ".
ونقول: هو حديث ضعيف لم يخرجه البخارى ولا مسلم، وكل طرقه ضعيفة، بل ضعّفه جمع من العلماء منهم الإمام أحمد بن حنبل وكذلك ضعّفه الإمامان دُحيم، وأبو حاتم، فضلاً عن لابد من وجود نية مصاحبة بقصد التشبه.
4 -قالوا ليس فى الإسلام أعيادًا غير الفطر والأضحى.
فنقول: أقوى دليل فى تحريم هذه المناسبات عند القائلين بتحريمها هو ما جاء عَنْ أَنَسٍ ( رضى الله عنه) قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: "إن اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ .
والحديث فيه مخالفة تاريخية واضحة، فقد ثبت تاريخياً أنه عند قدوم النبى (صلى الله عليه وسلم) المدينة فى أول السنة الأولى من الهجرة لم تكن شُرّعت بَعدُ الأعياد !!! فحتى لم تُشرّع بعدها بشهور فى نفس السنة، بل فى أواخر السنة التى تليها فى الشهر التاسع (رمضان) وبعدها بسنوات فى الشهر الثانى عشر (ذى الحجة)!! وهذا مما لا خلاف فيه، والحديث تفرد به حميد الطويل عن أنس وهو مدلس فقد أورد ابن حجر فى ترجمته فى تهذيب التهذيب إجماع 13 عالماً على تدليسه عن أنس، والحديث لم يخرجه أصحاب الصحاح برغم أهميته لعدم وجود ما يقوى تفرد حميد به، وبالتالي لم يصح هذا الحديث ولا غيره يمكن أن يستدل به على عيد الأم.
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها.