كل إنسان فى الحياة مُعرض لأن تنتابه الكثير من الهواجس والمشاعر والأحاسيس السلبية، وأن تُسيطر عليه فى إحدى الفترات الانفعالات غير المنطقية أو المُبررة، ويظن حينها، إما بأنه على وشك الخلل النفسى أو العقلي، وإما بأن الحياة قد فقدت كل معنى أو جدوى لها، وكل هذا منطقى للغاية، فمُنغضات الحياة كفيلة بأن تضع الإنسان فى هذه القولبة من آن لآخر.
ولكن للأسف، الإنسان عادةً لا يُدرك ذلك، ويظن أن المشكلة تكمن فى شخصه، ويظل يتصارع مع نفسه، ومع الحياة، لدرجة تُزيد من إرهاقه النفسى والعصبي؛ مما يُطيل هذه الفترة، ويزيد الأمر سوءً، ولكن الأحرى به أن يبتعد لفترة عن كل ما هو مُؤثر فيه؛ حتى يستطيع ترتيب حساباته، والأهم من ذلك أن يُؤمن بأن هذه المرحلة لابد من وُجودها، مثل مرحلة السعادة والرضا الشديدين، ويتيقن من أنه سيمر منها، طالما أنه يبتعد عن أسبابها بقدر الإمكان.
فنحن مشكلتنا ، أننا عندما تأتينا هذه الهواجس ، نظن أنها نهاية المطاف ، ولا ننظر إلى ما هو أبعد من أفكارنا، ونظل حبيسين داخل أفكارنا وهواجسنا، وهكذا نبتعد عن حل المشكلة ، فلو أننا تعاملنا مع جهازنا العصبي، مثل تعاملنا مع بقية أجهزة جسدنا ، على أنه مُعرض للاعتلال من وقت لآخر، وأنه يحتاج إلى الراحة والسكون، فهنا فقط، سيستعيد نشاطه ، ويكون على أتم الاستعداد لمزاولة نشاطه من جديد، ولكن للأسف، الإنسان لا يهتم إلا بكل ما هو مادى ملموس ، أما غير ذلك من الأشياء، فتظل داخل دائرتها المُبهمة.
فالهواجس والاضطرابات المزاجية هى أعراض ، مثل الصُداع واضطرابات المعدة، والإنفلوانزا، تأخذ وقتها، وتزول بالراحة ، والهدوء والسكينة ، والبعد عن أسبابها. وهكذا، فلكل شيء علاج، والعلاج ليس بالضرورة أن يكون مُسكنات أو حُقن أو مُضادات حيوية، فيُمكن أن يكون فى كتاب نقرأه، أو صلاة نخشع فيها، أو تَحَدُّث مع إنسان مُخلص ومُثقف ، فمهما زادت هواجسك ، قطعًا سيأتى يوم أو لحظة ما ، وتزول وتتلاشى تمامًا، فلا تخشى من هواجسك .