أعيته الحيلة فى البحث عن عمل، هداه تفكيره أن يستظل بشجرة تقع قرب جهة حكومية يرتادها الجميع طلبا لمصلحة ضرورية، وضع كرسيّا وطاولة خشبية، عليها مفرش أزرق وبضعة أوراق وأقلام ملوّنة، هاتف صغير.
ثم أسرّ لبائع شاى يجاوره بما يعتمل فى رأسه . أيام وانتشر بين الناس قدرته على قضاء الحاجات، لقاء بضعة جنيهات، يأخذها مقدّما، يؤكد بعبارة واحدة : سأفعل ما وسعتنى قدرتى، شريطة عدم البوح، فإن حدث فالانكار فضيلة كان يعتصم بها صاحبنا .
هكذا سارت حياته بمهنته الجديدة، حتى راجت شهرته فى الأفاق، تدفق المال بين يديه كنهر جار, فغارت منه بعض الصدور، أوشت عن رشى يأخذها علانية، أمام جهة التحقيق، أنكر معرفته بالعاملين بالمصلحة، بل أقسم أنه لم يدخلها أبدا، زاعماً: ليس ثمة مصلحة قضيتها هناك من قبل .
حاصرته الأسئلة ولاحقته الاتهامات : لكن لماذا تأخذ تلك الجنيهات من ضحاياك ؟ أأوحيت إليهم بقدرتك عى فتح الأبواب المغلقة وتيسير كل عسير؟
لم أفعل شيئا، فالمصلحة تنقضى من تلقاء نفسها، كل ما هنالك أن الناس درجت على دفع الرشى، لم تعد حياتهم تستقيم دونها . إن لم يجدوا راش، صنعوه عنوّة و لو ضد إرادته .