شخصية متمردة، صعبة المنال، فريدة من نوعها، رغم الذين يتهافتون كلما سنحت الفرصة لهم، لكنها لم تكن مستساغة لأى ناعق باسم الحب، حافظت على نفسها من الذئاب الجدد، وفى لحظة سكون داهمها الحب، ففتحت له عالمها.
غزا قلبها بغتة، ذلك الاساس الذى يضرم النار فى الجسد، فيغير الشخص من حال إلى حال، يرى المشاكل أتفه مما يُثقل همها الواقع، جدّد ثقتها بنفسها، نظرتها لحياتها انقلبت رأسا على عقب، ابتسامتها ارتسمت على شفتها، تحولت حياتها إلى أكثر اشراقا وأملا، إنه بغباوته.. الحب.
مرّت شهور عقبتها بضع شهور، حتى انتهى الأمر برمته، وعادت رضوى إلى نقطة الصفر، بل إلى ما قبل ذلك بكثير. حيث فى رسالته الأخيرة عبر البريد الإلكتروني، وضح لها السبب الذى جعله يُنهى علاقته بها، ورغم عدم اقتناعها بفحوى حديثه الأجوف، الذى كان بمثابة هروب من معركة لم تبدأ بعد، إلا أنها زادت الأمر سوءا، وتزوجت أول طارق يدق بابها.
لم يمر طويلا، حتى بدأت تندم على اختياراتها، الصورة مشوشة، تندب حظها الأعمى، الذى جعلها توافق عليه فى لحظة غضب، فكان اختيارها لهذا الزوج هو هروب من حزن يملئ واقعها أو ربما كان كيدا لشخص تعبها كثيرا.
عصفت المشاكل بها عصفا، باتت على أعتاب خطوات من الانفصال، مرحلة جديدة تضاف إلى قلبها الموجوع، والذى ينزف ألما، ومنذ ذلك الحين، صارت كلمة رجل، تمثل عبئا ثقيلاً على قلبها، كانت تسأل نفسها قائلة: "ألهذه الوقاحة يستطيع المرء أن يرتدى ثوب الحب". فلو كان باستطاعتها لقتلت جميع الذكور دفعة واحدة، وما أبقت على ظهر هذا الكوكب، سوى بعض الحيوانات الأليفة التى تُحبها.
وعلى غرار المفاجآت، اكتشفت أنها مصابة بالسرطان، لم تضجر حينها، فقد طاب جسدها من الوجع، ورغم الألم الذى اكتنف قلبها، زادها الأمر اصرارا على الانفصال، لكنه أبى، وتحمل عصبيتها وصياحها الدائم فى وجهه، فما الذى كان يجبره على ذلك، ما الذى يجعله يصبر على ما ليس له؟!
لكن للأقدار أشياء لا نعرفها، كان يحملها كل يوم إلى المستشفي، ينتظر بالساعات حتى اتمام الجرعة الكيماوى كاملة، ثم يعود بها، ينظف البيت، ويعد لها الطعام، تحمل مزاجياتها المتقلبة، حتى بدأ يلومه البعض، اهله أصدقائه، لكن قلبه قد مال، وحينما يميل قلب الرجل، لا توقفه قوة على الأرض.
داهمها حب جديد، حب لا يعرف الخيال الممزق ، والبدايات المبنية على الزيف والخداع، أحبته رضوى كما لو أنها لم تحب فى حياتها قط، ابتسامتها له كانت كفيلة بأن تسعد يومه .
أمام المرآة وقفت رضوى تُمشط ضفائرها الطويلة السوداء، ووجهها الجميل يزداد تألقًا، خرجت ضحكتها إلى النور، تبدل حالها بين عشية وضحاها، فذلك الوجه المُضيء حرام ألّا يرى النور، ويختبأ خلف ظلمات الوحدة.