لم أُبال بوجوده رغم رؤيته كثيرًا، فكنت أجلس بين الزملاء، ترتفع ضحكاتنا لعنان السماء، نسخر من كل شىء حولنا، تعلو مرارة السخرية حينما ننظر لأنفسنا لنراها على حقيقتها. هكذا سارت ليالينا، بينما يقف هو بعيداً يرقبنا بصمت، يغمض عينيه رفضاً لبعض حديثنا أو يهزّها تأييدًا و موافقة لأخرى .
انقطعت عن زيارة المكان فترة، ثم ذهبت بحثًا عن الرفاق، فلم أجد أحداً، سواه واقفاً، حينما رآنى تهللّ فرحاً، هزّ أذنيه ثم نهق كما لم يفعل من قبل، فأيقنت أن الصداقة الحقيقية عملة نادرة.