يعتبر التعليم من أهم العوامل المؤثرة فى تقدم الأمم، وركيزة أساسية فى تحقيق أى نهضة علمية واقتصادية، وما زال التعليم فى مصر يعانى من مشكلات متعددة كنتيجة طبيعية لإهمال استمر لسنوات على كافة المستويات.
وقد ظهرت محاولات للتطوير بعضها فشل وبعضها ما زال مطروحا، ومن تلك المحاولات الأخيرة، محاولة وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى لإحداث تغييرات فى شكل ومضمون التعليم المصرى.
وهذه رسالتى للسيد الوزير، بخصوص محاولات تطوير التعليم التى تتم هذه الأيام.
لماذا يصر وزير التعليم على تنفيذ رؤيته للتغيير دون عرضها على الجهات المختصة بالتعليم وأولها المعلمون، وأين توصيات لجنة التعليم بمجلس النواب وآراء الحوار المجتمعى الذى تحدث عنه. هل يعلم الوزير أن النزعة الفردية فى اتخاذ القرار قد تأتى بنتائج عكسية؟ كما أن الاهتمام بتطوير التعليم يجب أن يتم من كل الجوانب، وليس من جانب واحد، المنهج والمدرسة والطالب والمعلم وهو حجر الزاوية فى العملية التعليمية.
الوزير يريد نقل تجارب دول أخرى فى التعليم، والاهتمام بالجانب التكنولوجى فى طرق التدريس من خلال التابلت، لكن يجب مراعاة كل الظروف المحيطة بالبيئة التعليمية قبل تطبيق هذه الفكرة ودراستها بشكل كامل، حتى لا تضيع على الدولة تلك الملايين، خاصة أن هذه الطريقة قد طبقت من قبل فى بعض المحافظات وفشلت، كما ألغيت فى مدارس الكويت، لأنها لم تحقق النتائج المرجوة.
لماذا لا يجلس الوزير مع المعلمين لمعرفة آرائهم فى حل مشكلات التعليم باعتبارهم شريكا أساسيا فى نجاح المنظومة؟.
لماذا لم يقدم الوزير بيانا كاملا عن مشكلات التعليم لرئيس مجلس النواب الذى صرح علانية بأن رواتب المعلمين هى الأعلى فى الدولة، وهو ما تسبب فى حالة غضب لدى جموع المعلمين على مستوى الجمهورية.
ألا يعلم الوزير أن راتب المعلم فى مصر هو الأقل على مستوى العالم تقريبا "65 دولار" وبعد ثلاثين عاما فى الخدمة لم يتجاوز راتبه 2800 جنيه.
هل يعلم الوزير أن الدول التى يريد نقل تجاربها لم تصل إلى هذا المستوى المتقدم فى التعليم إلا بعد تقدير المعلم مهنيا وماديا؟. ولينظر الوزير إلى راتب المعلم فى التجربة الفنلندية التى يريد تطبيقها، أو راتب المعلم فى اليابان وألمانيا، حيث يصل إلى 4 آلاف دولار شهريا، أو حتى فى بعض الدولة العربية التى سبقتنا واحتلت مراكز متقدمة فى جودة التعليم، وفى تونس مثلا يصل راتب المعلم فى أول تعيين يصل إلى 400 دولار.
كيف ستحصل من المعلم على كل ما تريد من تطوير وتغيير للتعليم فى ظل هذه الظروف الصعبة؟.
مشكلات التعليم كثيرة ومعقدة ونحن بحاجة ماسة إلى تغيير الصورة التقليدية للتعليم فى مصر من خلال إجراءات فعالة نحقق من خلالها نتائج ملموسة على أرض الواقع.. ولذلك..
أطالب سيادة الوزير بتأجيل قرارات تطوير التعليم فى كافة المراحل لحين الانتهاء من مشروع متكامل يوافق عليه جميع الأطراف المعنية بالتعليم؛ لأن أى تجارب جديدة لا يمكن أن تحدث أثرا حقيقيا فى المجتمع ما لم يسبقها اهتمام بالمعلم ماديا ومعنويا.