لجأ العالم الأمريكى ثروندايك الى أسلوب المحاولة والخطأ لإثبات ظن علمى فى عقله سعى إلى إثباته، وهذا الظن كان عبارة عن أن التعلم عند الحيوان وعند الإنسان هو التعلم بالمحاولة والخطأ فحين يواجه المتعلم موقفاً مشكلاً ويريد أن يصل إلى هدف معين فإنه نتيجة لمحاولاته المتكررة يبقى استجابات معينة ويتخلص من أخرى وبفعل التعزيز تصبح الاستجابات الصحيحة أكثر تكراراً وأكثر احتمالاً للظهور فى المحاولات التالية من غيرها.
ومن ثم يتم تكوين حلول ثابتة للمواقف المتشابهة دون الحاجة إلى إعادة البحث والتحرى والتجريب وصولا إلى حلول لمثل هذه المواقف.
وتعليمنا المصرى جعل من أسلوب البحث الذى اتخذه ثروندايك متاهة لم يشأ ليخرج منها ، فكلما جاء وزير وعلت أصوات التغيير وسمع أنين الألم من النظام التعليمى المصرى قرر أن يدخل هذه المتاهة أملا فى الوصول منها إلى حلول جذرية يأتى بها كاشفا ومعالجا له ثم ما يلبث الفشل أن يكون حليفا له لأسباب عديدة ومن أهمها عدم الخوف الدائم والمترسب فى الأذهان من التغيير وخاصة فى أهم مناحى الحياة وهو التعليم والذى يمس كل بيت مصرى.
وظهر بريق أمل وشعاع نور يريد الكثيرون أن يقتلوه قبل أن يكتمل وان يعود إلى نفس المتاهة حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا وكأن الزمن فى حياة الأمم ليس له ثمن أو وزن علما بان أهم عوامل النجاح فى أى منظومة هو الجرأة والاقتحام للمشكلات المتوطنة والمزمنة وليس العكس إن أردنا العلاج بالفعل.
والغريب أن المتخصصين وغير المتخصصين يوقنون جيدا أن التعليم المصرى أصبح فى حالة لا يرثى لها لا يتماشى أبدا مع أنظمة العالم المختلفة من حولنا ولا يتماشى أصلا مع حضارتنا ولا تاريخنا حتى أننا أصحبنا نحجز المراكز المتأخرة فى ترتيب الدول من حيث التعليم وجودته إلا أننا نراهم هم أنفسهم من يعترضون ويخشون التغيير لأسباب قد تبدو فى ظاهرها منطقية وفى مضمونها هى نفسها من أوصلتنا إلى الحالة التى نشتكى منها جميعا ونراها بأم أعيننا فى خريجينا وأبنائنا فى المؤسسات وفى الشوارع من أخلاقيات وسلوكيات وغيرها.
وندرك جميعاً حجم التخوف الهائل من التغيير المتوقع والجرئ الذى سيحدث فى نظام تعليمنا المصرى الذى أصبح مسئولية الجميع الرافضون له قبل المؤيدون لأن الفشل سينال الجميع وليس من مصلحة احد وسيكون الخاسر الوحيد هو نحن وفلذات أكبادنا أما النجاح فسيكون ليس فقط للمؤيدين ولكن سيكون لنا نحن وفلذات أكبادنا .
وهنا باعتبارى ابنا من أبناء التربية والتعليم ادعم هذا التغيير الجرىء والقوى وفى نفس الوقت أشاور وأنبه إلى ضرورة التغيير فى جميع تروس الآلة فلا يعقل أبدا أن نجرى تغييرا جذريا فى احد التروس أو بعضها ونتجاهل تحت اى مسمى باقى التروس وننتظر نواتج مرضية فهذا سيكون فشلاً آنياً غير لاحقاً وسيحاسبنا الله عز وجل قبل أبنائنا على ما صنعناه فيهم على الأقل من مضيعة للوقت وإهدار للموارد بأنواعها مادية كانت أو بشرية .
ويعلم الجميع أن المعلم هو أهم هذه التروس على الإطلاق فإذا اعتبرنا أن النظام التعليم هو السيارة فالمعلم هو من يجلس على عجلة القيادة وليست بدعة أن نضع المعلم فى مكانته التى تليق به فى نظام تعليم نأمل فيه أن ينقلنا مما نحن فيه لتصبح مصر كما تركها لنا الأجداد القدماء سادة الأمم ونبراس الحضارات .
فلنخرج من متاهة بنيناها نحن ولتوقف عن منهج المحاولة والخطأ فليست إلا أسلوب تليد للوصول لقاعة علمية وليس غاية فى حد ذاته لأنه وبالتجربة التى أخذت من عمر الوطن والأمة الكثير وخاصة ان العالم أصبح قرية صغيرة الجميع يرى الجميع وينفتح عليه وكفانا قبولا بوضع جميعنا غير راض عنه .
وتحيا مصر – تحيا مصر – تحيا مصر