سفرة صغيرة بسيطة تحوى بعض الأطباق القليلة مختلفة الأحجام .. دعتنا والدتنا الحبيبة لتحهيزها منذ قليل قبل انطلاق مدفع الإفطار لهذا اليوم .. تسابقت أنا وإخوتى فى إعداد وترتيب الطعام .
كان الجو حارا هذا اليوم ولذلك حرصت على زيادة كمية الماء والسوائل بجانبنا ، هناك على السفرة كرسى شاغر معظم الوقت ولكن والدتى تصر على بقائه وسطنا وتقول دائما ربما يعود المسافر يوماً ما فيجد مقعده وسط مقاعدنا فيسر قلبه أننا لا ننساه أبدا.
ينطلق مدفع الإفطار والجميع يردد دعاء الإفطار ويشرب المياه بشغف ولهفة وتعزف الشوك والملاعق سيمفونية التسابق إلى الأطباق وغرف مالذ وطاب من أطايب الطعام الذى تصنعه والدتنا بمهارة، وفى وسط كل هذا الضجيج يدق جرس الباب فجأة وعلى غير موعد.
يندهش الجميع ويتساءل من يا ترى يدق بابنا فى هذه اللحظة الحاسمة؟ أسرع أنا بفتح الباب وإذا بى أراه أمامى ولا أكاد أصدق عينى من فرحتى الغامرة ، إنه هو يا أمى بلحمه وشحمه ، لقد عاد الغائب عاد المسافر يا أمى.
عاد أخى من البلد البعيد الذى هاجر إليه من سنوات طوال ، عاد ليجتمع معنا على مائدة الإفطار فى خير شهر من شهور السنة ، عاد ليجلس على مقعده وسط الجميع الذين تبادلوا الترحيب به وتعالت الضحكات ونسى الجميع الجوع والعطش وظلوا يحكون ويتحاكون حتى فجر اليوم التالى